أردوغان معادي الساميّة

بقلم: دان مرغليت
يوجد في السجن التركي نحو 250 ضابطا كبيرا، يتندمون لأنهم لم يبادروا الى العمل لمواجهة سيطرة رجب طيب اردوغان على بلدهم.
كانوا يملكون رخصة قانونية لمنع صعود الاسلام في تركيا. فقد أمرهم الدستور، الذي أورثهم أتاتورك إياه، بمنع السماح بعودة الحكم الديني على ضفة البوسفور.
لكنهم أضاعوا الفرصة وسُجنوا بلا ذنب، لكن من المعقول ان نفرض ان اردوغان يخاف منهم حتى مع عجزهم وراء باب السجن. وهم وهو ينظرون الى الأحداث الدراماتية في مصر.
ومن هنا يأتي غضبه ايضا على الفريق عبد الفتاح السيسي وكبار قادة الجيش المصري الذين منعوا "تتريك" ارض النيل، ونقلوا محمد مرسي من القصر الرئاسي الى السجن مباشرة. ويعلم اردوغان أن هذه الإجراءات تنتشر بالجملة في حوض البحر المتوسط، وقد تهدد حكومته أيضا.
لكن ما الذي يدعوه في هذه الفرصة إلى أن يقول لاعضاء حزبه إن مفكرا يهوديا يساريا – يكره الصهيونية إن لم نقل إنه يكره صهيون – قدّر في العام 2011 أن "الاخوان المسلمين" لن يستطيعوا الاحتفاظ بالسلطة حتى لو حصلوا على أكثرية في صناديق الاقتراع؟ ومن أين اختلق في الأساس سخافة أن اسرائيل شاركت في الانقلاب العسكري على حكم الاسلام؟ إنه يعلم ان ذلك غير صحيح. لكن اذا كان يؤمن بذلك فهو برهان على أنه فقد كل صلة بالواقع وبالحاجة الى ان يقيم انتقاده على حقائق.
إن إسرائيل في الحقيقة نشيطة في الميدان الدبلوماسي وتحاول ان تفتح عيون الغرب لفهم أن الحكم العسكري أفضل من "الاخوان المسلمين". لكن هذا حدث بعد أن كان الانقلاب العسكري أصبح حقيقة فقط وبازاء الموقف الغامض للولايات المتحدة التي تضر بالجنرالات خدمة للمتدينين الظلاميين. وقد تنحت إسرائيل جانبا عن الانقلاب نفسه.
وقد حدث عكس ذلك، ففي حين شارك اردوغان بقسوة في الحرب الأهلية في سورية بل إنه استعمل لغة تهديد ضد بشار الاسد، حرصت اسرائيل على الابتعاد عن الساحة والامتناع عن اتخاذ موقف. فاذا كانت قد سلكت هذا السلوك في الازمة الجارية على حدودها الشمالية فمن الواضح تماما أنه لم يخطر ببالها ان تُدبر صداماً دامٍيا كهذا في الجنوب.
كانت في سنة حكم مرسي تنظر بقلق الى التطرف الاسلامي في القاهرة، لكنها كانت تسير على أطراف أصابعها في كل ما يتعلق بالرئيس المصري خوفاً على التعاون الهش مع الجيش المصري على صد الارهاب في شبه جزيرة سيناء. وكان عندها سبب حقيقي لتخاف من أن يزيد كل تدخل في عداوة مرسي لها.
لم يُشرك الجيش المصري اسرائيل في خططه. ولو كنت في مكان وزير الشؤون الاستخبارية، الدكتور يوفال شتاينيتس، لفحصت (من اجل استخلاص الدروس فقط) ما عرفته كل الجهات الاسرائيلية المشغولة بجمع معلومات عن الانقلاب القريب للجيش المصري كي لا نُفاجأ بالجولة الثانية إذا حدثت.
وعلى ذلك فلا صدق في انفجار اردوغان الكلامي. فنسبة الانقلاب في مصر الى اسرائيل نمط راتب يتردد على ألسنة معادي السامية من النوع القديم واردوغان أحدهم.