ماذا إذا فشلت المحادثات الفلسطينية- الإسرائيلية؟

بقلم: شاؤول اريئيلي
التوقعات لدى الاسرائيليين والفلسطينيين بشأن استئناف المحادثات بين الطرفين قليلة، والشكوك كثيرة. لكن كل من يعتقد أن التسوية أفضل من استمرار الوضع الراهن لا يمكن إلا أن يرى أن اللقاءات بين الاسرائيليين والفلسطينيين هي إنجاز لوزير الخارجية الأميركي، جون كيري، وأن يشجع المشاركين فيها والوسطاء كي يجعلوها تفاوضا فعالا حول القضايا الجوهرية.
ولهذا السبب خاصة – لتمكين النجاح من أن يشق طريقا- يجب ان نأخذ الأسوأ في الحسبان. يجب على كيري ومارتن اينديك والعاملين معهما أن يتذكروا أنه الى جانب التمجيد وتعزيز مكانة الولايات المتحدة ثمة احتمال للفشل. ويجب عليهم لمضاءلته أن يدركوا ماذا سيكون معنى إلقاء تهمة انهيار المحادثات على أحد الأطراف أو عليهما معا أو على الوسطاء.
اذا انتهت المحادثات الى فشل فيجب على كيري أن يُقدم كشف حساب الى الرئيس اوباما والجمهور الأميركي. وسيحتاج الى أن يُبين لماذا ركّز جهده ووقته في الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني لا في مشكلات ساخنة اخرى مثل كوريا الشمالية أو ايران أو الأزمة الاقتصادية في أوروبا. لكن سيجب عليه في الأساس أن يُفسر فشل سياسته في الشرق الأوسط بإزاء الزعزعات القاسية التي تجري في العالم العربي.
في حال الفشل، سيضطر وزير الخارجية الأميركي إلى أن يُبين للأوروبيين أيضا لماذا طلب الى الاتحاد الأوروبي في السنة الأخيرة الامتناع عن مبادرات سياسية لتسوية الصراع أو التدخل في التفاوض برغم أن دول أوروبا تحمل منذ عقدين عبء بقاء السلطة الفلسطينية، وتنفق من أموالها على مشروعات اقتصادية في الضفة وغزة.
لكن يجب على كيري قبل كل شيء أن يُفسر للطرفين أنفسهما. إذا اعتقد ان الفلسطينيين مذنبون فستكون النتيجة استعمال المال مرة اخرى لمواجهة محاولة فلسطين أن تُقبل عضواً في الأمم المتحدة. وإلقاء تهمة الفشل على الفلسطينيين سيُبين للجمهور الفلسطيني لماذا يوجد في القيادة وفي الجمهور الإسرائيليين أناس لا يُفرقون بين م.ت.ف و"حماس" ويرونهم جميعا مجموعة متشابهة لا تريد السلام. وإذا أصبح الفشل مصحوبا بالعودة الى عمليات عنيفة فسيضطر الجمهور الفلسطيني إلى تحمل الرد العسكري الاسرائيلي دون أن يستطيع إلا النظر في عجز في تضاؤل المنح والهبات من أوروبا والولايات المتحدة للسلطة الفلسطينية.
وفي مقابل ذلك اذا اعتقد كيري أن الاسرائيليين مذنبون فسيكون الجمهور الإسرائيلي هو الذي سيضطر الى فهم لماذا يُنفذ الاتحاد الأوروبي القرارات التي ستضر بالاقتصاد الاسرائيلي، ولماذا لا تمنع الولايات المتحدة فلسطين من ان تُقبل عضوا في الأمم المتحدة ولا تصد دعاوى قضائية على اسرائيليين في لاهاي. ولن يستطيع أن يتهم عدم الاستقرار في العالم العربي حينما يطلب مواطنون مصريون وأردنيون إلغاء اتفاقات السلام مع اسرائيل. وسيضطر الى أن يرى كيف يصالح محمود عباس "حماس"، التي ستعلن مرة اخرى أنه "لا يوجد من يتم الحديث معه" وأن "اسرائيل لا تفهم سوى لغة القوة".
ربما يُلقي كيري التهمة على الطرفين. وفي هذه الحال، ومهما تكن هذه الفكرة صعبة ومؤلمة، لا يجوز أن يترك كيري المنطقة مُبقياً عند الطرفين أرقام هاتف البيت الأبيض طالبا أن يتصلا حينما يتعبان من عد موتاهما. وسيكون من الواجب عليه أن يعرض عليهما بصورة واضحة شروط تسوية في المستقبل والحلول الممكنة لكل القضايا المختلف فيها. وإذا رفضوا قبولها فسيضطر الى عرضها على مجلس الأمن. وسيكون معنى هذا الإجراء أن يُستبدل بكل قرارات الأمم المتحدة المتصلة بالصراع الاسرائيلي- الفلسطيني موقف دولي أميركي – أوروبي يُفرض على الطرفين.
يبدو أن إجراءً تفكيرياً منظما من هذا النوع فقط يتوقع الفشل بوضوح قد يقود كل المشاركين في هذه اللقاءات الى نجاح يتمناه كثيرون جدا.