إسرائيل تستعد للسيناريو الأسوأ

بقلم: عاموس هرئيل
يريد الجيش الاسرائيلي كثيراً أن يُسكّن الجو الهستيري شيئا ما الذي تُظهره رؤية مئات المواطنين المحدقين بمراكز توزيع الأقنعة الواقية، بحيث إنه مستعد لأن يُخرج من النفتالين أكثر العبارات التي يكرهها. برغم الظل الثقيل الذي تلقيه حرب "يوم الغفران" قُبيل ذكراها السنوية الأربعين، يُبينون في الجيش أن هناك احتمالا ضئيلا فقط لأن تُجر اسرائيل الآن الى المواجهة العسكرية المقتربة بين الولايات المتحدة وسورية. إن الاحتمال ضئيل لكن الاستعداد واجب؛ وهذا هو السبب لسلسلة خطوات الاستعداد التي أجازها، أول من أمس، المجلس الوزاري المصغر بجلسة خاصة.
أخذت تتضح نافذة زمن الهجوم الأميركي على سورية. وهو يتعلق الآن بتطورين – الأول يسبق القصف المخطط له، والثاني يجب أن يحدث بعده. يبدو في هذه المرحلة أنه سيصعب على الولايات المتحدة أن تهاجم قبل أن يغادر مراقبو الأمم المتحدة سورية – وستفضل الإدارة الأميركية إنهاء القضية قبل المؤتمرات الدولية التي تنتظر الرئيس براك اوباما منذ منتصف الأسبوع القادم. ولهذا فان الموعد المحتمل للهجوم هو تقريبا بين يوم الخميس ويوم الاثنين مع تحفظين وهما أن نظام الأسد قد يحاول تأخير خروج المراقبين باحثا عن بوليصة تأمين؛ ويوجد دائما احتمال أن توافق واشنطن على جهد مصالحة دبلوماسية آخر في اللحظة الأخيرة.
بعد التحذيرات التي صدرت، أول من أمس، عن رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان، جاءت مرحلة التهدئة. فاسرائيل كما تُبين القيادة للمواطنين الآن ليست طرفا في هذا الأمر. والهجوم شأن أميركي، وقد يتحقق الاحتمال الضعيف لتدخل اسرائيلي بسبب الجوار بين اسرائيل وسورية فقط ولأن الرئيس بشار الأسد قد يريد الانتقام باختيار هدف اسرائيلي. ويُدرج خبراء الاستخبارات كما قلنا آنفا هذا السيناريو بأنه ذو احتمال منخفض، بحجة أنه سيحرز الهدف العكسي الذي يرمي الأسد اليه. إن النظام السوري معني بتقصير المواجهة مع الأميركيين وباحتواء أضرارها والعودة الى صراعه مع المتمردين. فإذا أشرك اسرائيل في الصراع فسيزيد الخطر على بقائه بل على البقاء الشخصي للرئيس.
ومع ذلك كله تستعد اسرائيل لأسوأ سيناريو أيضا. فقد أجاز المجلس الوزاري المصغر للجيش الاسرائيلي، أول من أمس، عدة "درجات" ممكنة لتجنيد رجال الاحتياط، في فرق خاصة. وسيُجند في هذه المرحلة نحو من ألف جندي لقيادة الجبهة الداخلية ولمنظومة الدفاع الجوي ولأعمال مختلفة في سلاح الجو وشعبة الاستخبارات. وفي الوقت نفسه ستُنشر بالتدريج البطاريات الاعتراضية للقبة الحديدية. وقد نُشرت بطاريتان في منطقة الشمال وسيوزن بعد ذلك نشر بطاريات أخرى.
وقد نُشرت الى جانبها منظومات الاعتراض الأخرى – بطاريات حيتس وصواريخ باتريوت. ورُفع في قيادة الجبهة الشمالية الاستعداد في الوحدات المنشورة على طول الحدود. وسيتقرر في الجيش الاسرائيلي غدا هل يُمكّن الجنود من الخروج في عطل السبت أم يُحدد ذلك في بعض الوحدات التي قد تكون ذات صلة بالضرورات الدفاعية. وتتوقع اسرائيل أن تحصل على إنذار مسبق من الأميركيين بموعد الهجوم، لكنه قد يُعطى قبل قصفهم بساعات معدودة فقط خشية تسرب المعلومات. إن الصلة بين الجيشين وثيقة جدا الآن حتى بين رئيسي الأركان – بني غانتس ونظيره الجنرال مارتن دامبسي.
وسيتم تعزيز قيادة الجبهة الداخلية التي لم يثبت مركزها الهاتفي لضغط المتوجهين اليه في خلال النهار. ولم يتقرر الى الآن فتح مراكز اخرى لشبكة البريد لتوزيع أقنعة واقية برغم الصفوف الطويلة. ويبدو هذا قرارا عجيبا شيئا ما ربما يتغير بعد ذلك.
إن الذي لا يقوله جهاز الأمن للمواطنين بصوت جهير بقدر كافٍ هو أنه ليس عنده ما يكفي من الأقنعة الواقية للجميع. وقد جهد نحو 60 في المائة من المواطنين أن يتزودوا بالأقنعة حتى الأزمة الحالية. ولم تُخصص الحكومة نفقة لإنتاج أقنعة واقية أخرى تكفي الجميع، ولا تستطيع خطوط الإنتاج في المصانع أن تثبت للمعدل المطلوب لذلك. ولا توجد أية قدرة في الوقت القصير الباقي على منح كل طالب قناعا واقيا – بحيث إن تقدير احتمال الإطلاق من سورية على اسرائيل المنخفض (واستعمال السلاح الكيميائي، بيقين) يصبح أكثر حرجا.