بقلم: يوسي بيلين
‘لم يكن ينقصنا إلا هذا الآن، وهو أن 250 من ناشطي ‘ايباك’ يخططون للمجيء في الاسبوع القريب الى تل الكابتول في واشنطن، لاقناع النواب بطلب رئيس الولايات المتحدة باراك اوباما الهجوم على سورية. وكانت المنظمة حذرة الى الآن من أي تدخل في هذا الشأن، وحسن أنها فعلت ذلك، كما أنه من الجيد امتناع حكومة اسرائيل عن كل تصريح معلن يربطها بهذا الجانب أو ذاك في نطاق الحرب الأهلية التي تجري وراء الحدود، أو بهجوم امريكي على سورية.
بيد أنه الآن وبتوجه الادارة الامريكية هبت جماعة الضغط القوية هذه لمساعدة اوباما ووزير خارجيته جون كيري، ولتُبين لاعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب أنه ينبغي عدم التنحي جانبا، وأنه ينبغي العمل على مواجهة نظام بشار الاسد الذي استعمل على المواطنين سلاحا كيميائيا.
إن ‘ايباك’ جماعة ضغط يستعملها يهود امريكيون، لكن العالم يعرفها بقدر ما من الدقة بأنها ذراع اسرائيل الطويلة غير الرسمية. وإن مشاركتها في المسار الحالي في مجلس النواب سيراها كثيرون تدخلا مباشرا من اسرائيل لضرب سورية، بخلاف مطلق لمصلحتنا القومية وللاجماع الاسرائيلي. تستطيع ‘ايباك’ أن تقول من الآن الى الغد إنها تفعل ذلك صدورا عن رأيها الشخصي، من دون أن تشاور حكومة اسرائيل وإنها لا تمثلها، وحتى لو كان هذا صحيحا فلن تنظر أية جهة ذات شأن الى ذلك بجدية ـ لا في الولايات المتحدة ولا في سورية ولا في اماكن اخرى في العالم.
اذا استقر رأي مجلس النواب على تأييد الرئيس اوباما وقتما يطلب الموافقة على الهجوم على سورية، فقد يُسهم هجوم ‘ايباك’ في شرعية رد سورية وحلفائها على اسرائيل. واذا استقر رأي مجلس النواب على عدم الاستجابة لطلب الادارة فلن يكون ذلك إضرارا بصورة ‘ايباك’ فقط، بل بصورة اسرائيل ايضا.
إن إغراء ‘ايباك’ بأن تعمل في هذا الوقت خاصة ليس قليلا لأن التوتر بين اوباما والمنظمة معلوم للجميع. وإن حقيقة أن الرئيس الامريكي ايضا يحضر الحفل السنوي لجماعة الضغط ويخطب فيه خطبة موالية لاسرائيل لا يجعله حبيبا الى المنظمة، ومن المؤكد أنه لا يجعل المنظمة حبيبة إليه. وليس سرا أنه يفضل عليها المنظمة اليهودية الليبرالية ‘جي ستريت’. إن حقيقة أن اوباما مُحتاج الآن الى تأييد جماعة الضغط هذه هي فرصة نادرة لـ’ايباك’ كي تُظهر للرئيس قوتها ولتحسين العلاقات بينهما، لكن هذا وضع تضارب مصالح بين جماعة الضغط واسرائيل.
صحيح أنه حتى لو كانت اسرائيل حذرة وتؤكد عدم مشاركتها في ما يجري في سورية فانهم يستعملون اسمها عن جانبي المتراس: فالمتمردون يزعمون أن الرئيس الاسد يبقى بفضل اسرائيل فقط، التي تفضله على تحالف متمردين غير واضح، أما ناس الاسد فيزعمون أن اسرائيل تقف من وراء المتمردين ويبرهنون على ذلك في ظاهر الامر مُستعينين بالمعلومات عن العلاج الطبي الذي نقدمه للجرحى السوريين في الشمال. لكن حج مئات الناشطين اليهود الى تل الكابتول من قبل ‘ايباك’ هو صورة ستُنقش في الذاكرة وتكون خطرا مباشرا لا حاجة إليه على اسرائيل.
لا أعلم الى أي حد تستطيع الحكومة الحالية أن تؤثر في ‘ايباك’، لكن يجب على شخص ما أن يُبين لجماعة الضغط هذه أنه حتى لو خُيل إليها أن هذا الاجراء سيساعدها، فانه قد يضر باسرائيل التي هي سبب وجودها وبقائها.