فيلم ‘عمر’: استقلالية فن السينما الفلسطيني

باريس من احمد صلالالسرد البصري يتراقص على حبال، الذروة بين الموت والألم والفراق والحب والصداقة والثقة والخيانة، جماليات متناقضة، تجمعها قصة مفجعة غير عادية بالنسبة لغير الفلسطيني ومن عايش التغريبة الفلسطينية، وعادية وواقعية بالنسبة للفلسطيني، هي تفصيلات القهر اليومي الذي، أنتجها وينتجها واقع الاحتلال الإسرائيلي، كل هذه الأشياء، وأشياء أخرى، لقطت تفصيلاتها عدسة، المخرج السينمائي الفلسطيني، هاني أبو أسعد، خلال عرضه فيلمه ‘عمر’ مساء الاثنين الفائت في مسرح رفيق الحريري بمعهد العالم العربي في العاصمة الفرنسية-باريس-العرض الذي بكى له كما صفق، جمهور مسرح الحريري الذي غص بهم حتى الامتلاء.

تروي عدسة’أبو أسعد’قصة ثلاث شباب فلسطينيين، تجمعهم صداقة الطفولة والشباب، وتفرقهم القضية الفلسطينية، بين شهيد ومناضل وخائن، البطل آدم بكري’عمر’، المناضل الذي يشارك أصدقائه أحداث عملية بدائية ضد الجيش الإسرائيلي تزهق حياة جندي، هذه التفصيلة تتشابك فيها أحداث الفيلم الروائي، لينتج عنه أحداث تسرد ما يعيشه المناضل على صعيد المقاومة ومقاومة الاعتقال، وما يتعرض له نتيجة التفرق والشتات بين المعارضة الفلسطينية المسلحة التي تكتنفها أجواء من قبيل التخوين، وما يعيشه على مستوى حياته الخاصة، وخاصةً الجانب العاطفي منها.يستشهد’طارق’أحد القادة الميدانيين على خلفية عراك مع الخائن’أمجد’الذي أنتج صنوف من الكذب، تنيط اللثام عن دونية ووضاعة شخصية الخائن.

الفيلم الذي أداء أدواره وجوه شابة فلسطينية، تفجرت طاقات أدائية وتمثيلية، يحاول أن يظهر العلاقة بين الأسير وجلاده، ومحاولة تحويله لعميل من خلال استخدام أسرار عائلية خاصة، قد تؤدي لدمار الأسير وعائلته، متوالية تراجيدية تظهر مستوى العلائقية القسرية، والمستوحاة من قصة أحد الشباب الذين تعرضوا لذات الموقف، مما حذا بالمخرج لإنتاجها واقع بصري.
الحب والثقة والخيانة والنضال، ثيمات فيلم فلسطيني من إنتاج فلسطيني صرف، حيث تكلفة الفيلم الذي تجاوز1، 5مليون دولار، جمعت خلال عام من رجال أعمال فلسطينيين، حيث غطوا نسبة95 ‘من تكلفة العمل، والذي تكفلت مؤسسة’إنجاز′إحدى مبادرات مهرجان دبي السينمائي، بتغطية الخمسة بالمائة المتبقية.وحال الإنتاج كان حال طاقم الإنتاج التقني، الذي أسفر عمله عن نتائج أقل ما يمكن أن تصف، أنها ذات دلالات جمالية.وأمكنة التصوير تناوبت بين الضفة الغربية، الخط الأحمر، وبلدة الناصرة، الخط الأخضر، حيث تعرجات جدار الفصل العنصري، كانت إحدى الملامح التي تكفلت عدسة المخرج بإبرازها.

الفيلم الروائي’عمر’، والذي يرفض صاحبه، ابن بلدة’الناصرة’ تصنيفه ضمن إنتاج الفن الإسرائيلي، حاز على جائزة مهرجان’كان’السينمائي ضمن قسم’نظرة معينة’، والذي سبقه أفلام’الجنة الآن’و’عرس رنا’، يحاول تجنب الإثارة السياسية والتي تبدو ملمح لا يمكن الحياد عنه، كونه واقع معاش، يبرز الصراع الفلسطيني-الفلسطيني، والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.ورغم حملة الانتقادات من كل الأطراف، كل حسب موقفه الأيديولوجي.لا يمكن أن تنعت نتاج أبو أسعد السينمائي، وعمر نموذجاً، غيرأنه نتاج فلسطيني متحيز للحياة، ورافض لكل أشكال الخيانة والموت من أي طرف كان.

السينما الفلسطينية وعبر تجربة أبو أسعد، نستطيع القول أنها حاضرة بكل مفاصلها، مفاصل تبدأ باستقلالية التمويل، ولا تنتهي بعالمية فتحت أبوابها في ألمانيا عام2005، ومازالت مستمرة عبر ترشيح’الجنة الآن’لجائزة أوسكار عن دولة فلسطين، وحصد’عمر’جائزة مهرجان’كان’عن قسم’نظرة معينة’.