شجرة الشعر الفلسطيني

بقلم: يوسف أبو لوز
شجرة الشعر الفلسطيني تموت واقفة . يضربها الخريف في عز الربيع . رحل محمود درويش وترك لنا أثر الفراشة الذي يدل إلى الفتنة الشعرية المسكونة بالسحر . الفراشة لا تترك أثراً ولكنها تترك صوتاً أشبه بالرنين لا يسمعه إلا من امتلك فن الإصغاء . محمد القيسي، شاعر الأسى الفلسطيني سقطت ورقته من الشجرة وهو في ذروة سطوعه الشمسي كأنه يتجول بين المجرات . يوسف الخطيب ملك الكلاسيكية الشعرية الفلسطينية توقف قلبه عن الغناء في دمشق . وماذا بعد، كان عبداللطيف عقل يغني بين القمة والقاع، ويكتب مسرحاً بحبر اسمه الدموع . . مما كتبه “ . . البلاد طلبت أهلها . .” مسرحية فلسطينية بامتياز، وفجأة اختطفه خفّاش الموت في الليل . ماذا بعد . . علي فودة لم يكن بارد القلب والأعصاب، وهو يرى الجنود “الإسرائيليين” بالقرب من رصيفه في بيروت فمات على الرصيف . علي فودة رسم خطاً من الحنين بين إربد وبيروت وكان يظن أن الحنين يحمي الشاعر من التآكل . قبل فودة رحل فواز عيد، الإنسان المخلوق من اللطف والبهاء . ارجع إلى الخلف أيضاً، إبراهيم طوقان، فدوى طوقان، عبدالرحيم عمر، وكبير العائلة إحسان عباس . صحيح أنه ليس شاعراً، ولكن كان يسقي شجرة الشعر الفلسطيني من عينيه . ثم ماذا؟ . . ثم مَنْ؟
هذه المرة علي الخليلي . .
إذا كان بعض المثقفين الفلسطينيين يعتبر إحسان عباس شيخ الثقافة الفلسطينية، فالبعض منهم أيضاً يعتبر علي الخليلي الأب الرحيم بهذه الثقافة .
مارست الآلة العسكرية والإعلامية “الإسرائيلية” كل وسائل الحصار على الثقافة الفلسطينية منذ أكثر من ستين عاماً . زادت وتيرة الحصار الثقافي “الإسرائيلي” بعد عام 1967 . زادت أكثر من سطوع نجم المقاومة الفلسطينية في سبعينات القرن الماضي، . . ومن كان يتصدى لهذا التوحش “الإسرائيلي” .
واحد من المتصدين الكبار . . علي الخليلي . كان يكتب عن كل مجموعة قصصية وشعرية فلسطينية . كان يكتب عن كل رواية فلسطينية . كتب عن كل قلم فلسطيني في الداخل والخارج .
مثقف صلب . قاتل عدوه “الإسرائيلي” بالقلم والموقف والشرف الأدبي والأخلاقي . لم يبع نفسه إلى الشيطان . لم يصافح “إسرائيلياً” بيد دافئة مرتخية تماماً كما فعل ما يسمى الانبطاحي والانتهازي والثوري الذي ترك الخندق ونزل في الفندق .
علي الخليلي شاعر فلسطيني كبير . . فلاح كبير سقطت ورقته من الشجرة، ولكن الورقة تتفاعل مع التراب، وتغذي الغابة .