نتنياهو.. المسيح الدجال !

بقلم: سافي رخلفسكي
في لحظات الأزمة والذعر تتكشف الأنا الدقيقة وشياطينها. بدا بنيامين نتنياهو في مقابلات صحافية لشبكات تلفاز أميركية غارقاً في التحريض. فنتنياهو يرى أن علي خامنئي يرأس طائفة متوحشة من الإيرانيين، وهي طائفة مسيحانية تؤمن برؤيا آخر الزمان، وهي طائفة تريد القضاء على الولايات المتحدة. ومن المناسب أن نصنع شيئا من النظام لأجل الشخص الذي أشرف على حلقات مسيحانية تؤمن برؤيا آخر الزمان من اليهود في مظاهرات "بالدم والنار سنطرد رابين". فحتى حينما نشعر بأننا خائفون ووحيدون يجدر أن نُفرق بين العالم الداخلي والواقع.
خامنئي زعيم ديني راديكالي، لكنه ليس مسيحانياً يؤمن برؤيا آخر الزمان. كان محمود احمدي نجاد يحيا في الحقيقة في حلقات مسيحانية تؤمن بتلك الرؤيا، وتأثر بها وتحدث عن المهدي. وكان احمدي نجاد قريباً من السيطرة على مراكز السلطة، لكن خامنئي غلبه في مواجهة غير سهلة، وأُبعد احمدي نجاد وحلقته عن مراكز السلطة بسبب هذا قبل كل شيء.
ليس حسن روحاني دُمية، وهو يرمز الى صعود قوى أكثر براغماتية. وخامنئي يصغي إلى صوتها، فليس عنده سلطة فرد. 
في إيران مواجهة بين عقائد وحلقات إسلامية مختلفة. ومن المعلوم أنه يوجد بين الجهات المتنافسة في السلطة متطرفون غير قليلين، لكنهم يحسبون للأمور حسابها، ولا أحد في الحلقات في الدوائر الحاكمة مسيحاني مؤمن برؤيا آخر الزمان الآن.
واجه خامنئي مسيحانيين متطرفين وأضعفهم، أما نتنياهو في مقابله فله علاقات حميمة بالحاخام دوف ليئور والمؤمنين معه وبدوائر مسيحانية مؤمنة برؤيا آخر الزمان تسيطر على أجزاء من السلطة – من جهات في "البيت اليهودي" الى نائب رئيس الكنيست، موشيه فايغلين. وقد قال نتنياهو في الحاخام ليئور إنه الدورية التي تقود شعب إسرائيل. ويأتي أفضل المنفقين والداعمين لنتنياهو من الحلقات المسيحانية – المؤمنة برؤيا آخر الزمان الانجيلية من تلك التي ترى أن إسرائيل اليمينية المحاربة هي "حمار المسيح". وأن دورها المُخلّص هو أن تواجه ايران في حرب يأجوج ومأجوج التي سيفنى فيها أكثر اليهود وذلك شرط لعودة المسيح.
لا يوجد زعيم آخر في الغرب له علاقات حميمة جدا بحلقات مسيحانية مؤمنة برؤيا آخر الزمان. إن خطر المسيحانية في ايران لم يزل بالطبع وإن تحولها الى قوة ذرية قد يزيد في وهجها. لكن قُرب نتنياهو من المسيحانية المؤمنة برؤيا آخر الزمان يمنعه من أن يكون الرجل المناسب ليُحذر من ذلك، وهو خطر لذلك على اسرائيل. وتزيد مبالغاته المفرطة على ذلك.
وهناك شيء أخطر من ذلك وهو عادة نتنياهو في ساعات العُسر – وفي مواجهة "خطر" التسويات التي تلوح بشائرها، في الأساس – أن يغرق في تحريض أهوج وخطير من جهة وجودية. 
ويبدو أنه يعتقد أن ما نجح في مواجهة اسحق رابين، رئيس الوزراء، ووزير الدفاع ورئيس الاركان في حرب الايام الستة، سينجح في مواجهة خامنئي وروحاني.
إن مكانة اسرائيل – في وقت يصبح فيه استعمال عبارة "مصادر اجنبية" مع كل ذكر لقوتها الذرية التي لا تعترف بها، يصبح سخيفا مع كل كشف صحفي عن حرب "يوم الغفران" – اشكالية مسبقا في جبهة التحذير من الاخفاء الايراني. وإن الشيء الذي يُمكّن منه، زيادة على ذكرى المحرقة وجماعة الضغط اليهودية، هو التمايز. 
وكلما بدت اسرائيل عقلانية وانسانية وعلمانية وبعيدة عن المسيحانية ودقيقة في تقديراتها، استطاعت أن تحافظ على مكانة استراتيجية متفردة.
قبل 18 سنة قُتل رابين بعد تحريض مسيحاني. 
وكان السبب الرئيس في أنه اتجه الى مسار السلام معرفته بضرورة إجراء سياسة معتدلة تُمكّن اسرائيل من التمايز ومن قوة استراتيجية معروفة في مقابل المشروع الذري الايراني. 
ولم ينضم نتنياهو الى هذا الاتجاه بل ارتبط بدل ذلك بجهات مسيحانية مؤمنة برؤيا آخر الزمان في جوقة التحريض وللعدول بإسرائيل بعد ذلك عن عالم اعلان الاستقلال الى عالم قومي – ديني. وإن اختياره هذا يسجنه في سيناريو مسيحاني – مؤمن برؤيا آخر الزمان، وهذا خطر وجودي.

حرره: 
م.م