من يترك إسرائيل يهجر الحلم الصهيوني

بقلم: يوعز هندل

النازلون، كما يسمى المهاجرون من البلاد، هم المهاجرون القدامى. دوما كان هناك من رحل من هنا، دوما كان هناك من غضب منهم. لا جديد تحت الشمس. يوجد فقط سياسيون جدد يقولون الامر ذاته.

في كانون الاول 2011 بدأت وزارة الاستيعاب حملة توجهت الى الاسرائيليين النازلين للعودة الى البلاد. وكانت الرسالة مباشرة وفظة، ومست البطن الطرية للنازلين الذين يسكنون في الولايات المتحدة. لا يهم كم أنتم تشعرون بأنكم اسرائيليون، فأبناؤكم لم يعودوا كذلك، على حد قول المذيع. وشعر الاسرائيليون بالإهانة. واستبدل اليهود الاميركيون كلمة كلمة "يهود" بـ"اسرائيليين"، وشعروا بالإهانة. ونشبت أزمة، من بين أزمات كثيرة. ووصلت الشكاوى حتى ديوان رئيس الوزراء. اليهود الاميركيون (ولا سيما اصحاب الاموال) يحبون ان يشعروا بانهم في المركز، يمدون رحمتهم إلى اسرائيل الصغيرة. اما الحملة فقد قلبت لهم هذه المشاعر راساً على عقب، شوشت إحساس الراحة الأيديولوجية التي في المنفى.

صوفا لاندبر، وزيرة الاستيعاب، لم تعرف ما الذي مسها. فقد صادقت على حملة لتشجيع الهجرة الى البلاد. قالت ما قاله كثيرون وخيرون قبلها. فما هي الدعوة "تعالوا الى الديار" مقابل الإعلان الشهير الذي اطلقه رابين بان النازلين هم "سقط بعوض"؟ ما هي الاعلانات المصممة التي يبتسم فيها الاهالي والابناء مقابل زعماء اسرائيل في الماضي ممن دعوا يهود العالم الى ترك بلدانهم الاصلية والتوجه الى المكان الذي يأمرونهم بالتوجه اليه؟ وقد سقطت الحملة بسرعة كبرى حتى قبل ان يدخل السبت. دون نقاش. دون تفكير. دون تساؤل ما هي رسالة دولة اسرائيل ليهود الشتات.

قبل اسبوع نشرت معطيات استطلاع اجري في اوساط يهود الولايات المتحدة. 58 في المائة يتزوجون زواجا مختلطا. الشعب اليهودي يتقلص. الاهالي يشعرون بانهم يهود، اما الابناء فأقل. الشباب اليهودي يبتعد عن إسرائيل – قسم من هذا بذنبنا، والاغلب بذنبهم. والى جانبهم ايضا النازلون الإسرائيلون. الجيل الاول ملتزم، الجيل الثاني مبتعد. هذه هي العادة.

حملة الوزير لاندبر كانت دقيقة على نحو مدهش. أديبة على نحو مدهش اذا أخذنا بالاعتبار المعطيات. بعد 65 سنة بعد اقامة دولة اليهود لا يزال نصف اليهود في العالم يفضلون أن يأكلوا من وعاء اللحوم في المنفى على أن يأكلوا الفلافل الإسرائيلي. في الوكالة اليهودية، التي كرست ذات مرة كل جهدها لتشجيع الهجرة الى اسرائيل، توجه مبعوثوها للعمل في التعليم في الشتات. بمثابة تسليم بحياة اليهود خلف البحر، وبعيدا عن الحلم الصهيوني.

لقد انقلبت الرسالة: اليهود الإسرائيليون، الذين نجحوا، هم أبطال الثقافة، اليهود الاغنياء هم هواء للتنفس. في مثل هذا التناغم لا يريد احد أن يزعجه بالمعطيات وبالحقائق. ما كان مسموحا قوله ذات مرة بالفم المليء، صعب قوله اليوم.

ملاحظة اخرى: منذ وقت غير بعيد قرأت عن فتيان الثورة من روتشيلد ممن تركوا البلاد في السنتين الاخيرتين بسبب خيبة الامل وانعدام الرزق. أنا لا استخف بهم، أنا استخف بالنبل الايديولوجي الذي خلقوه بمناسبة مغادرتهم البلاد. لا يوجد جيل غاضب، يوجد شباب منقطع. حولي ايضا اصدقاء صبى، اصدقاء من الجيش، علمانيون، متدينون، يسار ويمين، ممن سافروا لفترة ما الى خلف البحر. وباستثناء واحد، كلهم عادوا. النزول من البلاد لم يبدُ لهم ممكنا. مسألة تعليم، قيم، احساس بالخجل.

لبيد محق، عوزي دايان محق، صوفا لاندبر محقة. دور دولة اسرائيل هو التذكير بصوت عال بان الحلم الصهيوني هو اقامة وطن قومي في بلاد إسرائيل. من يترك، يهجر الحلم الصهيوني. قد يبدو هذا عدمياً، وأحياناً مسيئاً، ومع ذلك فان الكلام ضروري. على الاقل شيء واحد ملزمة الدولة بعمله من أجل تاركيها – ان تقول لهم الحقيقة.

 

يديعوت أحرنوت