بانتظار الصفعة

بقلم: يوئيل ماركوس
الهزة الارضية التي شعر بها الناس في طبريا هزت على ما يبدو ائتلاف بيبي الذي يظهر في هذه الايام’ وكأنه يقف على ساقي دجاجة. فعندما يهاجم الوزراء قرارات الحكومة بانهم لا يريدون ان يهاجموا بيبي مباشرة، فانهم يصورون تسيبي ليفني كمن تبيع مصالح الدولة. فمثلا، من اجل ارضاء ‘اخوتنا بينيت ورفاقه’، وعدهم بيبي في الخفاء، بعد تنفيذ الدفعة الثانية من تحرير السجناء الفلسطينيين، سيكون هناك بناء واسع في القدس وفي الضفة. والدليل هو انه في ظل تنفيذ الدفعة الثانية من تحرير السجناء نشر اعلان عن خطة بناء واسعة النطاق في’ القدس وفي الضفة. مميز جدا لـ ‘اداء السلام’ لديه، في أنه يرتكب كل خطأ ممكن الى أن يفعل الامر الصحيح أو لا.
خذوا مثلا قراره بالغاء المقاطعة عن لجنة حقوق الانسان فهذا لم يحصل الا بعد ان تلقى رسالة تهديد. ويذكرنا سلوكه في هذه الحالة بالطفل الصغير الذي لم يرغب في النزول عن الحصان الدمية في دكان الاحذية، ولم يستمع لمناشدات أبيه ولصاحب الدكان، الى أن همس رجل غريب له في اذنه فحمله على أن ينزل على الفور. ما الذي همست له به؟ سأل والد الطفل الرجل.’قلت له ببساطة انه اذا لم ينزل فساصفعه صفعتين’. الطفل هو طفل، ولكن كزعيم دولة فان بيبي ملزم بالامتناع عن الوصول الى وضع من الضغط العنيف والعمل حسب ما هو مهم وحيوي للدولة التي يقف على رأسها، رغم أن له معارضين داخل الحكومة، بل وفي حزبه.
بيبي يعرف لما يسعى اليه، على الاقل هذا ما يقوله. أهم ما في فكره، ‘دولتين للشعبين’ عرضه في خطاب بار ايلان الشهير. كان هناك من استقبل ذلك بجدية ومن قال انه يخدع. في كل الاحوال، نجح في أن يفرغ وعده الدراماتيكي المزعوم من محتواه، بطلبه من الفلسطينيين ان يعترفوا اولا باسرائيل كدولة يهودية. أوليست نكتة ان تكون اسرائيل، التي هي من الاعضاء الاوائل في الامم المتحدة، بحاجة الى اعتراف من كيان ليس له بعد لا دولة ولا حدود؟
سواء كان الجمهور يعتقد أن بيبي يخدعنا ويخدع العالم في تطلعه الى تقدم السلام أم لا، فان الكثيرين يعتقدون بانه اذا كان هناك أحد يستطيع فهو فقط يستطيع. فأحد مثلا لم يحلم في أن تغير حكومة شارون، التي بدأت كحكومة يمينية متطرفة، حكومة مستوطنات، الاتجاه بين ليلة وضحاها. ‘ايقاظ الجمهور من حلم بلاد اسرائيل الكاملة’، على حد قول شارون. ليست اقوالا فقط كانت على لسان ‘المستوطنة الاكبر’ بل انه أخلى غزة ايضا. بيبي على الاقل يتحدث سلاما، لانه يعرف بان اسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بان تقف أمام العالم دون حدود معترف بها.
في هذه اللحظة، الأمر غير مهم لنا كثيرا لاننا أقوياء. مؤخرا نشرت في الصحافة الاجنبية معطيات هامة تحصي علنا كم صاروخا نوويا لدى اسرائيل. ولكن لا يمكن عقد أي اتفاق دون حدود معترف بها. موضوع التسوية هذا هو حاجة وجودية لاسرائيل في كل حدودها، مثلما تثبت حقيقة أن التسويات مع مصر والاردن محفوظة سلام بارد أم سلام حار، هو سلام.
مع الائتلاف الحالي، الذي سيعود اليه ليبرمان قريبا، بيبي ليس فقط لا يستطيع التقدم نحو السلام بل وايضا لا يستطيع أن يظهر كمن يحاول الوصول الى السلام. هذا ليس الوقت للحديث عن البناء في المناطق، بل اجراء ‘اعادة تنظيم’ في الحكومة على الا يخدم شركاءه المتطرفين. اذا كان بيبي يريد فانه يستطيع ان يدخل التاريخ كمن جلب السلام من خلال ‘انعاش’ الحكومة بشركاء يتطلعون الى السلام ويوجدون في هذه اللحظة خارج الحكومة حذار أن يصر مثل ذاك الطفل في النكتة التي لم يرغب فيها في النزول عن الحصان الخشبي. عندما تأتي الصفعة، فانها ستكون أليمة.
هآرتس