الرؤية الاسرائيلية للتفاوض طهران

بقلم: باراك رابيد

رفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الايام الاخيرة من وتيرة تصريحاته بشأن البرنامج النووي الايراني، قبيل بدء الجولة الثانية من المفاوضات بين ايران والقوى العظمى غدا في جنيف. ومع ذلك، ففي تل أبيب وفي واشنطن على حد سواء يعترفون بانه رغم الخط المتصلب الذي يعرضه نتنياهو، فان الخلافات بين اسرائيل والولايات المتحدة تقلصت بالذات.

صباح الغد تبدأ في مقر الامم المتحدة في جنيف جولة المحادثات الثانية بين ايران والقوى العظمى الستة. وكانت الجولة الاولى جرت قبل ثلاثة اسابيع وعرضت ايران فيها اقتراحا أوليا وعاما عن الخطوات لتقييد البرنامج النووي التي ستكون مستعدة لان تنفذها في ظل المفاوضات مع القوى العظمى، لتعميق الثقة ودفع التسوية الدائمة في البرنامج النووي الى الامام.

في الاسبوع الماضي التقت في مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا طواقم فنية من ايران ومن القوى العظمى الستة ضمت خبراء في المجال النووي والعقوبات، لتلقي ايضاحات على الاقتراح الايراني الاولي. وفي المحادثات التي ستبدأ غدا ستقدم ايران اقتراحا معدلا، وبالمقابل ستعرض القوى العظمى خطوات مقابلة محتملة للخطوات الايرانية لتقييد البرنامج النووي.

رغم الانطباع القائم، ليس لدى البيت الابيض مشكلة مع الخطاب الحاد لنتنياهو وهو مقبول بتفهم لدى كبار رجالات ادارة اوباما الذين يعتقد بعضهم ان سلوك نتنياهو يخدم الخطوة الدبلوماسية مع ايران. وكانت هذه هي خلفية تصريحات وزير الدفاع تشاك هيغل هذا الاسبوع والتي جاء فيها ان ايران وصلت الى طاولة المفاوضات ايضا بسبب تهديدات اسرائيل بشن عملية عسكرية.

وعكس هيغل الرأس السائد في البيت الابيض والذي يقضي بان نتنياهو لا يحاول افشال الخطوة الدبلوماسية مع ايران. في البيت الابيض يعتقدون بانه رغم تصريحات نتنياهو العملية فانه يفهم بانه لا مفر من تنازلات معينة سيتعين على الغرب تقديمها في المدى الفوري وفي المدى البعيد على حد سواء من أجل تحقيق حل بالوسائل السلمية.

تحاول الادارة الامريكية تهدئة روع اسرائيل بشكل علني ايضا. فالمقابلة التي منحتها رئيسة الفريق الامريكي المفاوض مع ايران، ويندي شيرمان، الى القناة 10 تمت بمبادرة الامريكيين. وفي المقابلة تبنت شيرمان بعضا من مطالب اسرائيل حين المحت بان الولايات المتحدة ستطلب من ايران أن ‘توقف’ التقدم في برنامجها النووي في اثناء المفاوضات مع القوى العظمى.

‘واشار مسؤولون اسرائيليون كبار يعملون في المسألة الايرانية الى أن اسرائيل توافق على القبول بصمت بادرات امريكية معينة تجاه ايران، طالما كان الامر مقابل تجميد نشاط تخصيب اليورانيوم في ايران في اثناء المفاوضات والا تتضمن رفعا لعقوبات هامة.

وأشار مسؤول اسرائيلي الى أنه في المشاورات التي جرت في الاسابيع الاخيرة مع مسؤولين في وزارة الخارجية الامريكية وفي البيت الابيض قال الاخيرون انه بدلا من رفع العقوات فانهم معنيون بان يقترحوا على ايران الافراج عن مبلغ نحو 3 مليار دولار مجمدة في البنوك الغربية ونقلها الى أهداف انسانية في ايران. وبالمقابل سيطلب من الايرانيين اتخاذ خطوات لتجميد البرنامج النووي.

واشار المسؤول الاسرائيلي الى أن اسرائيل لم تعرب عن اعتراض على الخطوة. وقال انه ‘يحتمل ان مقابل الخطوة الايرانية الا تكون لنا مشكلة مع رفع عقوبات هامشية أو افراج عن بعض الاموال’. وأشار مسؤولون اسرائيليون وامريكيون الى أن الخلاف الاستراتيجي بين الطرفين حل، وأنه يوجد اليوم توافق على أن الهدف هو منع ايران ليس فقط من تحقيق سلاح نووي بل وايضا تحقيق قدرة على انتاج مثل هذا السلاح. اما الخلافات المتبقية، كما يقولون في الطرفين، فهي تكتيكية وتتعلق بطريقة ادارة المفاوضات مع الايرانيين.

وبينما ترغب اسرائيل في ان يتضمن كل اتفاق بين ايران والغرب حظرا مطلقا على تخصيب اليورانيوم في الاراضي الايرانية، يعتقد الامريكيون ان لا مانع من ترك قدرة تخصيب رمزية في الدولة. واضافة الى ذلك، تعتقد اسرائيل بان وحده تشديد الضغط الدولي وفرض مزيد من العقوبات سيدفع الايرانيين الى المرونة. اما الامريكيون بالمقابل، فيتحفظون من فرض عقوبات اضافية ويدعون بان ضغطا اشد سيؤدي الى نتيجة معاكسة، سيكسر الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد ظريف ويمنح نصرا للعناصر المتطرفة في ايران.

في اسرائيل راضون من التفاهمات التي توصلوا اليها مع الولايات المتحدة في محادثات الاسبوعين الاخيرين. فقد اشار مسؤول في تل أبيب بان وحده الخط الحازم الذي تتخذه حكومة اسرائيل منذ جولة المحادثات السابقة مع الايرانيين منع سقوط نظام العقوبات. وقال المسؤول الاسرائيلي: ‘لقد نجحنا في تغيير الخطاب من وضع كان فيه الجميع يتحدثون عن تخفيف العقوبات القائمة الى وضع لا يتحدثون فيه الا عن الحاجة الى الامتناع عن فرض عقوبات جديدة. حتى لو لم نحصل على كل ما أردنا، فان هذا انجاز كافٍ’.

‘هآرتس