عرفات يخرب المفاوضات من قبره!

بقلم: دان مرغليت
بعد ثلاثة ايام تمر الذكرى التاسعة لموت ياسر عرفات، وهو ابن ال75، في مستشفى عسكري في فرنسا. منذ وقت غير بعيد اخرجت جثته من القبر في رام الله وارسلت الى فحوصات من فريق مهني في لوزان في سويسرا. وأظهر الفحص بان في جثته فائض من السم من نوع بلونيوم 210، من هنا فانها كثيرة الاحتمالات في أن يكون سُمم عن عمد.
والان تطالب أرملته سهى، التي أقلت من البقاء في حضرته في أثناء حياته بفتح تحقيق دولي. ابن اخته ناصر القدوة لا يحتاج الى تحقيق. فهو يعرف منذ الان بان اسرائيل قتلت خاله.
ولكن القصة التي ترمي الى جلب اسرائيل الى مقعد الاتهام في الساحة الدولية تعقدت وذلك لان الفريق الروسي فحص الجثة في موعد قريب من الموت، ورئيسه فلاديمير بوبييه ادعى بانه لم يكن سم بكميات مميتة على جثة الميت، الذي اصيب بمرض السرطان. مشابهة قليلا للقصة الكاذبة عن موت الطفل محمد الدرة في الانتفاضة. اذا كان عرفات، الذي مكث لفترة طويلة في المقاطعة في رام الله، مات مسمما فمن فعل ذلك؟ هل عميل اجنبي تسلل الى غرفة نومه؟ هل الطباخ المخلص خان؟.
المصاعب جمة. اذا كان الفريق الروسي وجد ان ليس في الجثة سم، ولكن السويسريين توصلوا الى استنتاج معاكس فهل يحتمل أن يكون أحد ما احتفظ بالجثة بعد دفنها والصق بها سما من أجل إدانة اليهود؟ صيغة فلسطينية اخرى للفرية المسيحية التي تقول ان اليهود يحتاجون الى دم اطفالهم كي يخبزوا الفطير.
جهات عديدة معنية بالقول ان عرفات سمم بيد اسرائيل، ولم يمت في سريره ككل البشر في سن متأخرة. وقصتهم تبني لها اسطورة بطل الذي لم يقاتل فقط من أجل الفلسطينيين بل مات على مذبحهم. اما الصيغة الاخرى فعديمة البطولة.
باستثناء أنه من خلف محدثي عاصفة السم لعرفات، تقف جهات سياسية تطالب منذ الان من ابو مازن الوقف الفوري للمفاوضات مع اسرائيل وكأنه ثبت قبل التحقيق الدولي بان يدها كانت في الفعلة وفي السم.
على اسرائيل أن تستعد لامكانية أن تخرب جثة عرفات مثل عرفات في حياته على فرص الحوار بين الدولة اليهودية والديمقراطية وبين السلطة الفلسطينية. ‘يا كلب’ وصفه حسني مبارك امام كل كاميرات العالم، حين رفض التوقيع على اتفاق سياسي آخر مع اسحق رابين وشمعون بيرس.
قتل زعماء’الخصم، حتى لو كان عدوا، ليس فعلا جديرا بدولة سيادية في حرب شرعية. وهي تحسن عملا اذا رأت بعين الايجاب تحقيقا دوليا منضبطا، ويقول الرأي ان عليها أن تتحفظ من خطوات سامة كهذه هي كالسهم المرتد. لا ينبغي تبرير تسميم عرفات وإن كان هذا ما توقعه قول هيلل الشيخ الذي رأى جمجمة تطفو في النهر فقال ما معناه ما فعلته للاخرين فعلوه لك في النهر. مع التحقيق وبدونه، كان عرفات أب الامة الفلسطينية حتى يومه الأخير. وبالنسبة لليهود فانه سيذكر كالجمجمة في النهر. رؤية التاريخ من زوايا متعارضة لا تقف حاجزا في وجه السلام المنشود حين يحل يومه.
اسرائيل اليوم