لقاء قابل للإنفجار حول ‘جبل الهيكل’

بقلم: د. رؤوبين باركو
‘من شاهد هجوم رائد صلاح على اسرائيل في برنامج ‘بلا حدود’ على قناة ‘الجزيرة’، وتحول من هناك الى أخبار التلفاز الاسرائيلي، كان يمكنه أن يرى صورة مرآة شخص الضلالة نفسه وجماعته المتطرفة. فقد استُعرض على الشاشة نضال اعضاء كنيست غوغائيين لاحلال صلاة اليهود في جبل الهيكل. وما كان المشاهد المندهش ليستطيع ألا يفكر في صدام كارثي لنهاية الزمان بين الحماقة والغباء.
كلما كثر المحللون الهاذون لـ ‘علامات الساعة’، وحسَبَة نهاية الزمان، زادت احتمالات تحقق كوارث نهاية الزمان التي يعمل هؤلاء الهاذين على تحقيقها. وهم يرون أن علامات الساعة هذه تشهد على حوادث تُخل بنظام الكون السوّي في اتجاه نحو الخلاص أو الهلاك، ويتعلق ذلك بالمجنون المناوب وبالارادة الالهية. واذا كان التاريخ يجعل عددا من هؤلاء المجانين يتلاقون معا في نفس الزمان والمكان فان علم الاحصاء يشير الى احتمال عال لكارثة والى أن الحكم الهاذي سيتحقق حقا.
ومن المؤسف جدا أن التاريخ يُلاقي في هذه الايام بين متطرفين يهود ومسلمين. فالطرفان يُمسكان بقنابل موقوتة فتاكة ويدورون برؤوسنا وبنا في مسار صدام في المنطقة القابلة للانفجار في القدس، أعني جبل الهيكل (المسجد الاقصى). إن اللقاء المخطط له والفتاك بين الاسلاميين ونشطاء السلطة الفلسطينية على اختلافهم وبين الهوامش اليمينية للسياسة الاسرائيلية هو نتيجة مشروع مشترك لتحقيق ‘علامات الساعة’ الجديدة التي لا يعلم سوى الله كيف سنخرج منها. وعلى حسب سيناريو رعب هؤلاء المخططين، يوجب الخروج من الطريق المسدود فوضى مخططا لها تفضي الى تدخل الله فورا. وينبع المشروع المشترك في حقيقة الامر من الشعور بالازمة الشخصية الأنانية التي تنبض فيهم، وأعني الاسرائيليين والفلسطينيين على السواء. إن استعمال جبل الهيكل أداة تفجير فلسطينية واسلامية عامة متاحة قد نُفذ تنفيذا ناجحا نسبيا على يد عرفات حينما شعر بأن منظمة القتلة التي يسيطر عليها أخذت تتفكك من الداخل بعد اتفاق اوسلو.’
ويستعمل ورثته في السلطة الفلسطينية الذين يلعبون بعامل ‘الاقصى في خطر’ هذا التراث الآن في حين ينبشون رُفات ‘الرئيس الذي سُمم’ في محاولة لاحداث ثورة عالمية على اسرائيل. وأخذ ينشق الستار الدقيق لتمثيلية سلام السلطة الكاذبة في توالٍ يزداد، وتظهر منه في مظاهر كراهية عمليات قاتلة هي ثمرة التحريض في وسائل اعلامها. وهناك خبير آخر بكوارث آخر الزمان هو الشيخ صلاح الذي انخفضت أسهمه الشعبية هو ايضا مؤخرا بين الجمهور العربي في اسرائيل، وتضاءلت ثروة حركته التأليبية. فالعالم الاسلامي في صراع والحلم بالخلافة العالمية الاسلامية يبتعد. و’اخوانه’ في حماس محتجزون في قبضة الاستخبارات المصرية، وسُجن الرئيس مرسي الذي دعاه كما قال الى مصر للتخطيط لتحرير فلسطين والقدس من الصهاينة. وهو يقول إن السيسي أداة لعب يتعاون مع امريكا واسرائيل.’
إن حلم صلاح بالهجوم الاسلامي العام على الصهاينة قد طُوي في هذه الاثناء، وأُحبط حلم جمع الاموال الاسلامية لأجل الحركة الاسلامية التي يرأسها. ولم تعد تأليباته في المقابر والمساجد المهجورة في اسرائيل تعني أحدا، بل لا ينجح تأثيمه في محكمة اسرائيلية بالتحريض والافتراءات الدموية على اليهود في إثارة حماسة العالم الاسلامي. ويرفع ‘الشيخ المبتسم’ في يأسه مرة بعد اخرى قصة تآمر اليهود على الاقصى كي يكف المسلمون عن قتل بعضهم بعضا ويتحدوا حول رؤيا آخر الزمان الاسلامية ويتجهوا الى قتل اليهود ‘مُحرفي التوراة ومغتصبي فلسطين’.’
في الوقت الذي يؤمن فيه اليهود الأسوياء بأن الخلاص سيأتي في وقته، أي الوقت الذي قُضي وقُدّر في السماء، بدأ اعضاء الكنيست الذين يشتهون إثارة العامة، من اليمين، يزعمون أنه ينبغي تمكين اليهود من الصلاة في جبل الهيكل بخلاف الشريعة اليهودية والوضع الراهن المستعمل في ذلك المكان منذ حُرر في 1967. والحديث عن طريقة استعجال الله التي ينبغي معها اضطرار الله بواسطة فرض صلوات يهودية في جبل الهيكل باعتبار ذلك فعلا متطرفا ودراماتيا، الى التدخل فورا في عدم سلامة جريان الكون بسبب الكارثة التي ستقع على أثر ذلك. ولأجل أمن اسرائيل سيكون من الجيد لو أننا ‘ركلنا ركلة سريعة في وقتها’ مؤخرة هؤلاء المدمرين من اليهود والمسلمين معا.