التساؤلات النووية المحرمة

بقلم: يارون لندن
النقاش العام في مسألة الخطر المحدق من ايران مخيب للامال من حيث ضحالته. يخيل أن كل السياسيين وكل مصممي الرأي العام انجروا خلف موقف رئيس الوزراء، دون الاثقال عليه بالاسئلة التي تقوم على الفرضيات الاساس التي يتمسك بها بحزم. يحتمل ان يكون محقا تماما، ولكن من اجل التأكد من ذلك يجب طرح الاسئلة التي لا تُسأل. سأطرح بعض منها.
الادعاء: ايران تنوي مهاجمتنا بسلاح نووي.
التساؤل: حسب مصادر أجنبية يوجد لدى اسرائيل قدرة على توجيه ‘ضربة ثانية’ توقع على مهاجميها كارثة بحجوم اخروية. الادعاء بان ‘البندقية المعلقة على الحائط في المعركة الاولى ستطلق النار في المعركة الثالثة’ لم يجتاز اختبار التاريخ. في الغرب، في سنوات الحرب الباردة، اعتبر النظام في الاتحاد السوفييتي كنظام متزمت باعتقاد شيوعي مسيحاني، تماما مثلما يتخذ النظام الحالي في ايران صورته في عيوننا الان. ومنذئذ تزودت بهذا السلاح بضع دول، ولكن منذ سبعين سنة لم تتجرأ اي منها على استخدامه. فهل الشيوخ الشيعة اقل عقلانية من زعماء كوريا الشمالية؟ هل الايرانيون متحمسون للتضحية ببلادهم على مذبح ابادة اسرائيل؟ هل يفترضون بان توجيه ضربة نووية على اسرائيل ستنتهي دون رد من جانب القوى العظمى العربية؟ أوليس غير صحيح سيكون القول ان من يعتقد ذلك فانه يتملكه تفكير غير عقلاني يستند الى القول ان زعماء ايران غير عقلانيين؟
الادعاء: ايران حافة نووية ستزيد نفوذها الخطير على الدول المجاورة.
التساؤل: هل حقا تزيد الدول نفوذها بفضل تسلحها النووي؟ هل القنبلة التي لدى الباكستان غيرت مكانتها في كشمير وفي افغانستان؟ والصين، هل اصبحت قوة عظمى بسبب قوتها النووية، أم بسبب قدرتها على الانتاج؟ وهل فرنسا، المزودة بسلاح نووي منذ الخمسينيات، تؤثر على جيرانها اكثر من المانيا التي لاتملك مثل هذا السلاح؟ وسؤال يتعلق مباشرة بوضعها: هل سيتعاظم دور حزب الله لان لدى الدولة التي ترعاه سلاحا نوويا؟ وهل عدوانيته ستزداد لهذا السبب أم ان ايران ستفرض عليه حذرا أكبر؟
الادعاء: ايران حافة نووية ستحدث سباق تسلح في الشرق الاوسط. التساؤل: أحد الاسباب لانهيار الاتحاد السوفييتي اقتصاديا، هزيمة نظامه والتغيير الايجابي في منظومة القوى في العالم كان سباق التسلح الذي فرضه عليه الرئيس ريغان. فالاتحاد السوفييتي، مثل ايران، كانت دولة ذات قدرة كامنة اقتصادية هائلة، وحكم مركزي وطغيان منع استغلال هذه القدرة بنجاعة. ولعل سباق التسلح بالذات، تكون فيه يد ايران الفقيرة هي السفلى، سيؤدي الى انهيار الاقتصاد الايراني وتغيير النظام؟ وأكثر من ذلك: هل الاردن، سوريا ومصر المنهارة قادرات على ان تدير سباق تسلح يعرضنا للخطر؟
الادعاء: تجربة الولايات المتحدة في التقرب من ايران خطيرة على اسرائيل.
التساؤل: مراقبة المجتمع الايراني تدل على أن شبابها المثقفين، المدينيين، هم عديمو الحماسة الثورية ويتوقون للحياة على النمط الغربي. هل يحتمل أن الاستثمارات الغربية التي ينتقل تأثيرها الى المجتمع المدني والاتصال بلا وسائط مع ملايين السياح الاجانب الذين سيزورون المواقع الاثرية الرائعة والتعرض لوسائل الاعلام الغربية ستؤثر كلها على تغيير الطبيعة المتزمتة والكفاحية للنظام بشكل أسرع من العقوبات والتهديدات؟ هل يحتمل أن يكون نقل الاهتمام من دول النفط الفاسدة في شبه الجزيرة العربية الى دولة متطورة على حافة الحداثة هو استراتيجية تخدم جيدا اهداف امريكا وبشكل غير مباشر اهدافنا ايضا؟
” هذه الاسئلة، وبالتأكيد هناك أفضل منها، بل ويحتمل أن يكون ممكنا تسوية الشكوك الكامنة فيها، لا تطرح علنا، وأخشى الا تكون تطرح أيضا في الغرف المغلقة. أخشى أن نكون نستعيد الخلل الذي كان قائما في ‘المفهوم المغلوط’ الشهير.