الهجوم على ايران: تحد مُركب وممكن

بقلم: افرايم عنبار

”إن التصريحات التي تشير الى قدرة عسكرية اسرائيلية على الهجوم على البنية التحتية للمشروع الذري في ايران وإحداث دمار كبير، صادقة. إن هذه العملية تحتاج الى قدرة على الوصول الى هدف هجوم بعيد، والى التغلب على منظومات دفاع وتدمير الأهداف.
‘يوجد على نحو عام مبالغة في تقدير عدد المنشآت الايرانية التي يجب تدميرها للاضرار بالبنية التحتية الذرية إضرارا بالغا. إن العنصر الحيوي لبناء قنبلة ذرية هو اليورانيوم المخصب (بدرجة تزيد على 90 بالمئة). فاذا كان الأمر كذلك فان منشآت التخصيب في نتانز وفوردو فقط هي التي تحتاج الى علاج. وما زال المفاعل الذري الذي يُبنى في أراك ويرمي الى انتاج البلوتونيوم (وهو مادة انشطارية تلائم بناء قنبلة ذرية) ما زال غير فعال، وهو ايضا هدف مناسب (كالمفاعل الذري الذي دُمر في العراق في 1981).
‘إن ذراع اسرائيل الطويلة هي سلاح الجو وعنده القدرة على علاج أهداف بعيدة، فهو يملك بحسب أنباء اجنبية نُشرت أكثر من 400 طائرة مقاتلة وهو ما يجعله سلاحا كبيرا بمقاييس عالمية. وتشمل القوات ايضا تشكيلات إف 15آي، وهي من أكثر الطائرات تقدما في العالم وتطير الى مسافات بعيدة وتحمل سلاحا كثيرا ودقيقا.
‘ولسلاح الجو بحسب تلك الأنباء المنشورة ايضا عدد من طائرات التزويد بالوقود التي تمنح امكانية إطالة مسافة الرحلة حتى ايران. وحظي بعض التدريبات التي قام بها سلاح الجو على عشرات الطائرات في رحلات جوية الى مسافات بعيدة بتغطية صحفية وهي تشير بوضوح الى امكانية الوصول الى مدى كذلك.
‘إن مسار الرحلة الجوية الى أهداف ‘ذرية’ قد يمر كما كانت الحال في الماضي فوق دول عربية. وبخلاف الماضي يوجد هذه المرة امكان إغماض العين بل التعاون، لأن العالم العربي السني يخاف من ايران ذات القدرة الذرية جدا. والى ذلك يوجد عند سلاح الجو الاسرائيلي قدرات ممتازة في مجالات تكنولوجية متنوعة تُمكّن من إعماء منظومات الدفاع الجوي أو شلّها. وإن التقارير الصحفية عن نشاط سلاح الجو الاسرائيلي في سوريا والسودان الذي ظهر فقط بعد إصابة الأهداف قد تعبر عن هذه القدرات. وقد تكون المنظومات التي تملكها ايران جيدة وتُكلف اسرائيل ثمنا لكن يصعب أن نفرض أن تستطيع منع هجوم ناجح.
‘هناك قضية مهمة وهي القدرة على تدمير الأهداف الموجودة تحت الارض. إن الادارة الامريكية قدمت قنابل خارقة للملاجيء تحت الارض ويمكن أن نفرض أن الصناعات العسكرية الاسرائيلية قادرة هي ايضا على تطوير وانتاج وسائل قتالية مشابهة. وقد تحتاج عملية اسرائيلية في ايران ايضا الى وجود على الارض للتحقق من تدمير الأهداف في الأساس. والوحدات الخاصة من الجيش الاسرائيلي هي التي تُلبي هذه الحاجة.
‘من المؤسف جدا أنه يصعب احراز مفاجأة استراتيجية، ومن المؤسف أن الهجوم على ايران لم يُنفذ قبل بضع سنين. لكن برغم معرفة ايران بامكانية هجوم اسرائيلي فانه ربما ما زال يوجد مكان لمفاجآت تكتيكية.
‘وينبغي ألا نُخطيء. إن الهجوم الاسرائيلي على البنية التحتية الذرية الايرانية هو عملية عسكرية معقدة وفيها غير قليل من الأخطار. وقد يجعل الجلَد الاسرائيلي والتصميم هذه العملية نجاحا كبيرا. إن جزءا كبيرا من العالم ينتظر أن تُخرج اسرائيل حبات الكستناء من النار. والقرار على هجوم اسرائيلي على ايران أو عدم الهجوم رهان تاريخي. لكن كفة ميزان التاريخ والعقل الرشيد ترجح لتأييد الهجوم.