ماذا يفعل داني ديان في جبل الهيكل؟

بقلم: يريف اوبنهايمر
هل تاب المتحدث العلماني الأبرز عن جمهور المستوطنين؟ تحدث رئيس مجلس ‘يشع′، داني ديان، في مدونة في الشبكة الاجتماعية عن زيارة قام بها منذ وقت قريب الى جبل الهيكل: ‘صعدت هذا الصباح الى جبل الهيكل وأنشدت همسا نشيد ‘هتكفاه’… إن الصعود الى جبل الهيكل في هذه الايام تجربة شعورية مؤثرة ومُهينة في الوقت نفسه، لكنها قبل كل شيء واجب. واجب ببساطة. فيا أيها اليهود إصعدوا الى الجبل!’. وتبين لي بفحص قصير أجريته أن داني ديان لا ‘يتقوى’ وأنه ينوي الحفاظ على صورة حياته العلمانية، بل أن يظهر فينة بعد اخرى في برامج التلفاز في ايام السبت.
إن داني ديان وهو علماني خالص اختار هو ايضا أن يستعمل الدين استعمالا هازلا للربح وليدفع بهدف سياسي الى الأمام. ويوافق ديان المتطرفين والخلاصيين من نشطاء اليمين ويدفع قدما هو نفسه بمسار قابل للانفجار وخطير كان في الماضي من نصيب مجموعات هامشية فقط من اليمين مثل ‘مُخلصي جبل الهيكل’ وأناس الهيكل. ومن كان يُعرف في الماضي في اليمين بأنه خلاصي وخطير أصبح اليوم يقود المعسكر اليميني كله ويستعمل الدين وسيلة الى التطرف السياسي. وغاية هذا المسار هي تحويل الصراع بيننا وبين الفلسطينيين من صراع سياسي الى صراع ديني، وأن يُرفض مسبقا كل تصالح على الارض ويُقضى على احتمال السلام بين الشعبين.
في الاشهر الاخيرة جُذبت الصهيونية الدينية وعلى أثرها اليمين العلماني ايضا وراء بدعة خطيرة هي الصعود الى جبل الهيكل، لا للصلاة والنشاط الديني بل لاظهار القوة والسيادة والتحرش بالفلسطينيين والمسلمين الذين يرون الجبل مكانا مقدسا ايضا. وليس عجبا أن اختار ديان أن ينشد ‘هتكفاه’ لا أن يقرأ من الكتب المقدسة والصلوات اليهودية.
لم يعد الصعود الى جبل الهيكل شعائر دينية للمؤمنين فقط بل أصبح تظاهرة سياسية قومية ترمي الى إقرار حقائق على الارض والزيادة في حدة المواجهة مع العالم العربي. إن الوضع الراهن الحالي يُمكّن كل يهودي يريد الصعود للصلاة في جبل الهيكل من فعل ذلك بشرط ألا يتحول ذلك الى تظاهرة سياسية ترمي الى إقرار ملكية وجعل المكان من نصيب اليهود فقط. وينظر العالم الاسلامي كله في قلق الى ما يجري فوق جبل الهيكل وتحته، وكل تغيير في الوضع الراهن يُهيج النفوس ويزيد في الخشية من أن اسرائيل تنوي أن تُبعد المسلمين عن الجبل. وهذه الخشية من أشد الوسائل فاعلية عند الاسلاميين المتطرفين لاحراز دعم لمقاومة اسرائيل العنيفة. إن داني ديان وأوري اريئيل والصاعدين الجدد الى الجبل يعملون لمصلحتهم بنشاطهم التحرشي حول الجبل.
إن محاولة الطمس على الفرق بين الصلة الدينية والسيادة السياسية من أشد الوسائل فاعلية عند اليمين لالغاء كل محاولة للمصالحة وتقسيم البلاد. ويمكن أن نرى نظير ذلك عند الفلسطينيين عند منظمات الرفض المختلفة ومنها حماس والجهاد الاسلامي اللذان يريان أن كل تخلي عن جزء من أجزاء البلاد هو عمل يعارض القيم الدينية ولهذا لا يمكن تنفيذه. والطرفان لا يُفرقان بين السيادة السياسية وحرية العبادة والتدين ويحاولان الربط بين الأمرين ورفض حق الشعب الآخر بذلك.
إن جبل الهيكل مكان مقدس للشعب اليهودي منذ أكثر من ألفي سنة، أي قبل أن يُكتب النشيد الوطني الاسرائيلي وقبل أن يُصور علم اسرائيل أول مرة بزمن بعيد. وجبل الهيكل مكان مقدس لليهود دونما صلة بالسيادة السياسية وكون المكان تحت سلطة الدولة. وجبل الهيكل مثل سائر الاماكن المقدسة يجب أن يبقى نقيا من الشعارات السياسية والقومية وأن يعود ليكون مكانا دينيا فيه حرية عبادة لكل انسان يهودي أو مسلم. ومحاولة إحداث صلة بين الديني والقومي، وبين القداسة والسيادة هي وسيلة المتطرفين من الجانبين لتفجير كل اتفاق وجعلنا جميعا نُقتل ونَقتل على مذبح الدين.
‘ أمين سر حركة ‘سلام الآن’
هآرتس