التفوق لا يزال ايرانيا!

 

بقلم: رؤوبين باركو

تعلى المعبر الحدودي بين برلين الشرقية والغربية في فترة الحرب الباردة، كان رجال الشرطة يوقفون في كل مساء عاملا عاد من عمله الى شرق المدينة الغارقة في الفقر، وكانوا يفتشون دراجته ولا يجدون شيئا. وحينما يئسوا بعد ذلك وعدوا العامل النشيط بأن يكفوا عن تفتيشهم اذا كشف لهم عما يُهربه في دراجته. واعترف العامل أنه كان يهرب في كل مساء دراجة الى شرق برلين.
إن مجموعة الخمس + واحدة بقيادة الولايات المتحدة تجري الآن تفاوضا مع مبعوثي آية الله خامنئي لاسقاط العقوبات عن ايران مقابل وقف تطوير القنبلة الذرية، ولما كان خامنئي قد عرف الولايات المتحدة بأنها ‘الشيطان الأكبر’، فان ممثلي الغرب يتصرفون في اثناء التفاوض وبصورة مفاجئة على حسب مقولة: ‘الشيطان موجود في التفاصيل الصغيرة’. ففي البداية انطلق الامريكيون مسرعين، والسيدة آشتون ورفاقها للتوقيع على الاتفاق، بيد أنهم وجدوا أنفسهم على غير رغبة منهم في مباحثات لا أمل منها في مواد ثانوية ‘شيطانية’: فالايرانيون يصرون على حقهم في تخصيب اليورانيوم، وإعمال اجهزة الطرد المركزي، وتطوير مفاعل المياه الثقيلة في أراك والمنشأة في بورتشين، وتخصيب اليورانيوم والاستمرار في تطوير صواريخ عابرة للقارات. ويفحص ممثلو الغرب في خوف عن حكايات ‘الشرطي الطيب والسيء’ في السياسة الايرانية الداخلية، كي لا يغضب الايرانيون معاذ الله ويتركوا لقاء التفاوض. وقد أُعد لذلك من قبل بسرعة في مخازن الغرب جص علم دلالة يكفي للتغطية على الاتفاق الفاضح المتوقع.
يعلم الجميع أن ايران هي دولة بلا أعداء يهددون وجودها ولا تحتاج الى طاقة ذرية لأن النفط الكافي لاحتياجها من الطاقة وللتصدير موفور فيها. فما الذي يهربونه هناك في أراك؟ درس خامنئي القرآن وأهمل دراسة الفيزياء الذرية وأعلن برغم ذلك ‘باختصاص فيزيائي’ أن تخصيب اليورانيوم هو ‘خط احمر’ عنده. وكان يجب أن يكفي تصريحه القوى العظمى لتفهم ما هي الدراجة الهوائية المتحدث عنها. إن وزير الخارجية الايراني يُطمئن ويزعم أن كل ذلك أمر ‘مصطلحات’. اجل لقد نجح خامنئي برغم ثقافته المحصورة في القرآن في أن يشتم رئيس وزراء اسرائيل بلغة ايرانية عامية بأنه ‘مريض بالكلب’ وأعلن أن اسرائيل ‘دولة ستنهار’.
إن لغة خامنئي تقلق نتنياهو. وقد أصبح تهديد اسرائيل بالابادة عادة مبتذلة وعملا لا يوجب اعتذارا أو وقف المحادثات. وما كان أحد من المشاركين وفيهم السيدة آشتون ليستمر في الحوار في جنيف لو أن التهديدات بالابادة كانت موجهة على دولته. وهذا الأمر خطير جدا لأن ‘الدول الست’ قد لاحظت أن ايران تُهرب في دراجتها قنابل ذرية تحت أنف الأمم. ويشغل الغرب نفسه الآن بانكار سيفضي الى سباق تسلح ذري والى فوضى.
والمشكلة هي أن اوباما المفلس الذي عرف الفشل يشتهي أن يعرض على الجمهور انجازا لادارته. وهو غير معني بأن يكون حسم الحرب مع ايران في نوبة رئاسته. وقد يعتقد أن الروس الذين أفضوا الى نزع السلاح الكيميائي السوري ربما يفعلون ذلك مع ايران الذرية.
إن الايرانيين ‘مضغوط’ عليهم لكن ذلك غير كاف. وقد لاحظ وزير الخارجية الايراني ‘الذي يشتهي الثقة والحوار’ الضعف والحماسة الغربيين ‘لاتمام صفقة’ ولهذا يرفض التباحث في مطالب وقف تخصيب اليورانيوم، وتعطيل مفاعل الماء الثقيل في أراك، والمنشآت في بورتشين واجهزة الطرد المركزي ومواقع تطوير الصواريخ زاعما أن الحديث عن حق ايراني أساسي. وفي مقابل ذلك يطلب الايرانيون بصورة ظاهرة تخصيب اليورانيوم مع الغاء العقوبات في مجال المصارف والنفط بل إنهم يهددون بأنهم سيتركون المباحثات ‘قريبا جدا’.
يظهر في أفلام ليون شلزنغر، وهو مخرج معروف (ويهودي) لأفلام الرسوم المتحركة، يظهر دائما أرنب ‘حقير’ يتلاعب بامريكي سمين غير مهندم وغبي مسلح ببندقية ذات فوهتين. ويكون هذا الأحمق لابسا ملابس شرطي مرة ويظهر مرة اخرى في هيئة صياد، لكن الحديث دائما عن شخص يفضي غباؤه الى مأساة: فالسمين يهوي في هاوية ويتحطم في حين يبقى الأرنب يأكل الجزر بصورة آثمة.
إن النتائج معلومة مسبقا. فبرغم تحذيرات نتنياهو يتعجل الامريكي في هذه الساعات التوقيع على الاتفاق في حين يحلق فوق هاوية كبيرة ومعه السيدة آشتون ورفاقها، لكن المتعجلين سيتحطمون كما في الرسوم المتحركة حينما يتبين لهم عمق الهاوية التي فغرت فمها تحتهم. إن القنبلة الذرية الايرانية ستُستكمل مع العقوبات أو بغيرها.