بعيدون جداً عن الاتفاق مع الفلسطينيين؛ شكراً للرب !

بقلم: أفيعاد كلاينبرغ
للحظة خفنا. فهمنا من تصريحات وزير المالية، يائير لبيد، بأنه يوجد خطر حقيقي من الاتفاق مع الفلسطينيين. الائتلاف في خطر! ولكن جاء رئيس الوزراء ليطلق صافرة تهدئة: "لا اتفاق ولا بطيخ".
اسرائيل والفلسطينيون بعيدون عن الاتفاق، قضى نتنياهو. يمكننا أن نهدأ. "يقلون من السماع لمطالبنا"، أوضح رئيس الوزراء، "ولكن فقط اذا ما استجابوا لهذه سيكون بوسعنا التقدم الى اتفاق". لم يستخف السيد نتنياهو بالتهديد: "الدولة توجد تحت هجوم وينبغي الدفاع عنها". إذ من المعروف ان اسرائيل نتنياهو ("الدولة") توجد منذ سنين تحت هجوم اتفاق. يجب عمل شيء ما، ورئيس الوزراء، بطريقته، يفعل، ولا يمكن لأحد ان ينكر ذلك.
من يريد أن ينصت الى "مطالبنا" يمكنه بالتأكيد ان يسمع اهمها: ألا يكون هنا اتفاق. اذا ما أُخذ بهذا المطلب، بالتأكيد سيكون اتفاق: نوافق على مواصلة الوضع الراهن. اذا كانت استجابة لمطالب اسرائيل الامنية الشرعية، فسيكون هنا سلام Pax Israeliana. إذ ما الذي طلبناه؟ أن يستمر البناء في المستوطنات بكل القوة (نمو طبيعي)، وان تبقى المصادرات، السلب، الاعتقالات الادارية، الحرمان من حقوق المواطن، الحواجز، مهزلة "احقاق القانون" في المحاكم العسكرية، أوامر قائد المنطقة، التشريع الرامي الى تخليد الحكم طويل السنين على امة اخرى، بالضبط كما هي؟ طلبنا ان تستمر المساعدات الامنية الأميركية دون أسئلة وان يعلن عن البؤر الاستيطانية غير القانونية كقانونية، وان يقبل الفلسطينيون الفكر الصهيوني بتفسيره الليكودي. هذا كل شيء. هذه هي مطالبنا الشرعية. اللاسامي وحده لا يستجيب لهذه المطالب.
اذا ما نجح الفلسطينيون ومنفذو كلمتهم (لنقل جون كيري) في التغلب على اللاسامية الاصيلة لديهم، فقبلوا هذه المطالب الصامتة، فسيكون هنا اتفاق. ليس مع الفلسطينيين، ربما، ولكن مع اسرائيل بيتنا ومع يوجد مستقبل مثلا. وبالمقابل نحن بالتأكيد مستعدون لأن تلتقط لنا الصور مع عربي ما في ساحة خضراء ما. بل ان رئيس الوزراء سيصافحه، وبعد ذلك نعيد العربي الى قريته. ليس قبل ان يجتاز تفتيشا أمنيا جذريا، بالطبع. الامن هو الامن. في هذا لا يمكن اجراء تخفيضات. ولكن اذا كانت الصورة تقلقكم فأزيلوا القلق من قلوبكم. هناك رؤيا اخرى. نحن بعيدون عن الاتفاق مع الفلسطينيين. شكراً للرب.
دولة اسرائيل ليس ملحا لديها الوصول الى اتفاق مع الفلسطينيين. الاتفاق ليس ببساطة قبولا بلا شروط لمطالبنا بل هو موضوع معقد من ناحية السياسة الاسرائيلية الداخلية، ولاسرائيل كما هو معروف لا يوجد سوى سياسة داخلية. كل قبول بمطلب الطرف الآخر، مهما كان معقولا هو بتعابير اسرائيلية "تنازل"، تنازل "أليم".
نحن لا نحب الالم. هذا الورم الخبيث الذي نبت في جلدتنا ليس مؤلما حاليا، اما العملية التي تستهدف انقاذ روحنا المتألمة فاننا نفضل، إذاً، الامتناع عنها.
يوجد لهذا الكثير من الفضائل. منذ أن توقفنا عن الجدال في "الاحتلال" باتت الاجواء افضل في البلاد. يمكن الجدال في الغناء الشرقي وفي الاهرامات. هذه جدالات مهمة في الماضي ابتلعها الاحتلال. فليذهب الاحتلال، إذاً. مللناه.
وفي هذه الاثناء في كل يوم يمر سنبني مدماكا آخر في الدولة ثنائية القومية خاصتنا، ورؤيا معمر القذافي عن اسراطين يتجسد بالملموس.
في اسراطين سيعيش جنبا الى جنب مواطنون "يهود" ومواطنون "فلسطينيون". نحن المواطنين، سنواصل التفكير في اسراطين كديمقراطية. ولكن هذه ستكون ديمقراطية مميزة، ديمقراطية لا توجد فيها حقوق لنسبة كبيرة من السكان. لنا سيبدو هذا على ما يرام تماما. اعتدنا. بماذا سيفكر باقي العالم؟ إذهب لتفهم النفسية اللاسامية. في هذه الاثناء يمكن لنا أن نهدأ. فنحن بعيدون عن الاتفاق.