‘اللاجئون’ والتضليل الفلسطيني

بقلم: عنات ولف
للكلمات عنصر مركزي في الحديث عن الصراع مع الفلسطينيين، وهي تؤثر في صورة تصورنا لجوهره واحتمال حله. ولهذا من العجيب أن تكون اسرائيل خاصة مع جهاتها الرسمية تستعمل المصطلح المعتاد عند الجانب الفلسطيني، أعني ‘اللاجئين’، للحديث عن ملايين ما كانوا ليسموا كذلك في أي سياق آخر.
إن الأكثرية الغالبة التي يُتحدث عنها هي في واقع الامر من أبناء اللاجئين الأصليين الذين ما كانوا يستحقون أن يُدعوا كذلك لو كان الحديث عن أي صراع آخر ليس مع اسرائيل.
ففي كل صراع آخر في العالم فيه لاجئون تعتني بهم وكالة اللاجئين التابعة للامم المتحدة. وعلى حسب قواعد هذه الوكالة لا تنتقل مكانة اللاجيء بالوراثة انتقالا آليا. ولا يُورث اللجوء على أية حال دون أن تجري محاولة موازية لاسكان اللاجئين من جديد.
يوجد للاجئين الفلسطينيين فقط وكالة خاصة بهم هي الأونروا التي تمنح صدورا عن رأيها الخاص وبصورة آلية كل واحد من أبناء اللاجئين الأصليين حتى من الجيل الخامس، مكانة لاجيء. واسوأ من ذلك أنها تفعل ذلك في وقت تحظر فيه شروط عملها بصورة واضحة كل محاولة لاستيطان أبناء اللاجئين الفلسطينيين من جديد أو في اماكن سكنهم (في غزة والضفة الغربية والاردن وسوريا ولبنان)، وبذلك تؤبد وضعهم. أي أن من ولد في غزة لأبوين ولدا وعاشا في غزة برغم أنهما ولدا لأبوين عاشا وولدا في غزة سيظل يدعى لاجئا من عسقلان ‘في فلسطين’ كما ترى الأونروا.
ولهذا فان تبني اسرائيل في الوضع الراهن للمصطلح الفلسطيني هو نوع من الاعتراف بأنه يوجد 5 ملايين لاجيء على الأقل بدل بضع عشرات آلاف من اللاجئين فقدوا بيوتهم في زمن الحرب وما زالوا أحياء، برغم أنها لا تقصد ذلك. ويضاف الى ذلك أن مجرد استعمال مصطلح لاجيء ينطوي على اعتراف بفكرة عودة اللاجئين الى اماكن سكنهم. فالتشبيه المُضلل الذي يُفهم من كلمة لاجئين يصورهم أنهم فروا من الحرب وهم يجتمعون الآن في خيام يضربها البرد والريح ينتظرون أن تضع الحرب أوزارها كي يستطيعوا العودة الى بيوتهم. ولا يتخيل أحد فلسطينيين من أبناء الطبقة الوسطى يعيشون في رام الله مواطنين في السلطة الفلسطينية وولدوا لآباء من رام الله وهكذا دواليك، لكنهم يسمون لاجئين ايضا في الوضع الحالي.
‘حينما نتحدث عن ملايين ‘اللاجئين’ الذين قد يعودون الى بيوتهم، فمن الواضح أنه لا يوجد أي احتمال للتوصل الى تسوية سلمية تقوم على تقسيم بين دولة للشعب اليهودي ودولة فلسطينية. لكن لو أنهم تحدثوا عن عشرات آلاف اللاجئين فقط وهي الحال الصحيحة وكلهم تزيد أعمارهم على 65 سنة، لأصبح للمسألة أبعادها المناسبة ولأمكن الحديث عن حلها بصورة منطقية، ولهذا ما دام يجري تفاوض ولا توجد تسوية دائمة تنهي الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين فمن المناسب ألا يتبنى الجانب الاسرائيلي على الأقل المصطلح الفلسطيني على اختلاف معانيه وأن يستعمل المصطلح الدقيق ـ اللاجئين، وبخلافهم ـ نسلهم.