في مؤتمر اليسار: يطالبون بـ "دولة يهودية" ويمدحون المستوطنين !

بقلم: مئير عوزئيل

يوم الجمعة الماضي عقد مؤتمر اليسار الكبير. كنت هناك، في مقر صهاينة اميركا في تل ابيب.
في حياتي لم أسمع بهذا القدر كلمتي "اشكنازي" و"شرقي" مثلما سمعتُ في تلك الساعات. جلست بين أناس مختارين في القاعة الكبيرة التي جرى فيها النقاش وعنوانه: "اليسار هل يسكن داخله؟ اليسار يستبعد جماهير أم أن الجماهير تستبعد اليسار؟ - كيف نصل الى قلب المجتمع الاسرائيلي؟".
ايتان كابل، مدير الجلسة، بدأ يحصي ألقاب اليسار: "انهزاميين، خونة، متعالين، تل ابيبيين، اشكناز، يُسرويين، سُذج"، وأنا بالتأكيد فوّت بعضا من هذه الألقاب.
رون كحليلي قال فوراً: "كل الألقاب ليست آراء مسبقة بل واقع. في اليسار لم يكن أبداً مكان لأناس مثلي، شرقيين".
تصفيق حاد من الجمهور بشر بروح مؤتمر اليسار الكبير هذا: الكثير من النقد الذاتي. نقد أكثر – تصفيق أكثر. وقال كحليلي إنه يريد دولة ثنائية القومية مع نهاية الصهيونية. وعندما قال درور فوير بعده: "أنا صهيوني ونهاية الصهيونية هي مصيبة" عصف التصفيق لزمن طويل.
ولكن فوير بالغ، وقال ايضا إن على الفلسطينيين أن يعترفوا بإسرائيل كدولة يهودية، وأعلن بشجاعة في مكان كهذا: "هذا ليس مطلباً غبياً"، ما ولد صرخات احتجاج من الجمهور.
السؤال الذي طُرح هناك المرة تلو الاخرى هو: كيف يحصل أننا نحن رجال اليسار نكافح في سبيل أبناء الطبقات المظلومة، وهم لا يفهمون هذا، ولا ينضمون الى "ميرتس". وهذا يدهش حقا الجالسين هناك في القاعة وعقلهم لا يدرك هذا العبث.
جومز (حاييم اورون) حاول أن يشرح: "رئيس بلدية في الجنوب قال لي: "اذا كنت تلتزم خمس سنوات بعدم ذكر كلمة فلسطينيين سأنضم الى ميرتس". ولكن دوف حنين قال إنه غير مستعد للتنازل عن الكفاح من أجل الفلسطينيين. صراخ وتصفيق لمحبوب الجمهور حنين تدفع مدير المؤتمر الى القول: "هنا نلت منذ الآن عشرين مقعدا".
أبيرما غولان، التي هي ايضا تنتقد عدم نجاعة اليسار في تحقيق تأييد من الشعب (وتسأل اذا كان يتعين عليها أن تعتذر لأنها اشكنازية) تقول: "اليوم هو العاشر من التبت (يوم يصومه اليهود - المحرر) وأنا لم أشعر بأن هذا هنا على الإطلاق".
لا أدري اذا كان العاشر من التبت يؤلمها، ولكنها ترى في هذا الصوم أداة لارتباط لم يجر الاستدلال به. "هذه الارتباطات تنجح حقا في الميدان"، هكذا تصدر تعليماتها لتجنيد الشعب.
هاني زبيدي، صاحب مدونة "نقد وليس بالضرورة بناء" مليء بالاسئلة: "لماذا 48 ليس احتلالا و67 هو احتلال؟".
وهو يدعي بأنه توجد في اليسار حواجز في وجه دخول الطوائف الشرقية. احتجاجات في الجمهور، وعندها يقول: "المشوق هو أني لو كنت أتحدث عن النساء وأقول إنه توجد حواجز في وجه دخول النساء لكان الجميع سيوافقون".
أحد ما من الندوة يقول: "هذا ليس الشيء ذاته" فيقفز الزبيدي: "سمعتم؟ هذا ليس الشيء ذاته. الاشكنازي الشمالي يقول لي إن هذا ليس الشيء ذاته". في مدونته روى بعد ذلك أنهما التقيا وتصالحا.
ستاف شبير تقول إنها كانت بالخطأ في مؤتمر لليمين، تعتذر جدا على أنها علقت في مؤتمر لليمين وتروي ماذا تعلمت هناك: اليمينيون واثقون بأنفسهم، لا ينتقدون أنفسهم جزافا، يعملون بإحساس جماعي ولا يتذمرون. هكذا تدعي في أمر من قبيل الاعجاب وتسأل: "في واقع الامر لماذا لا يسمون هذا المؤتمر: اليسار هل يسكن داخل نفسه وحيداً في الظلام؟".
فوجئت لسماع أنه في مؤتمر اليسار ثمة نوع ما من الاعجاب بالمستوطنين، الاعجاب بالطريقة التي يستوطنون فيها في السياسة الاسرائيلية. أكثر من متحدث قال بحسد: "لا يوجد للمستوطنين مشاعر دون".
هذه مفاجأة بالنسبة لي، إذ إنه في كل مؤتمرات المستوطنين لم أسمع سوى: "لدينا مشاعر دون وليس لليسار مشاعر دون".
اسرائيل هي على ما يبدو حشد من أصحاب المشاعر الدون الذين يعتقدون أن ليس لخصومهم مثل هذه المشاعر.
اليسار داخل نفسه يعيش وهو مليء بالنقد الذاتي. رجاله لا يفهمون لماذا يكافحون في سبيل أبناء الطبقات المظلومة بينما هذه لا تنضم الى "ميرتس".

حرره: 
م . ع