"تسمين" ميزانية الدفاع للعام 2014

بقلم: عاموس هرئيل
العلاوة على ميزانية الدفاع، والتي أقرتها لجنة المالية في الكنيست، أول من أمس، بحجم نحو 5 مليارات شيكل، تلغي عمليا التخفيض الذي كان مخططا له للعام 2014. عملياً، إلى جانب علاوات مختلفة سيحصل عليها جهاز الأمن في الأشهر القريبة القادمة، من المتوقع حدوث ارتفاع ما في ميزانيته في السنة القريبة القادمة – خلافا للاعلانات الحكومية السابقة. ومع ذلك، فان قسما كبيرا من نفقات ميزانية الدفاع سيكرس للإنفاق على القوى البشرية. ففي السنة القادمة سيكون هذا الانفاق أكثر من 54 بالمئة من ميزانية جهاز الامن، وهو معدل أقصى.
في أيار الماضي قرر وزير المالية، يائير لبيد، ووزير الدفاع، موشيه بوغي يعلون، تقليص ميزانية الدفاع للعام 2014 ثلاثة مليارات شيقل، بحيث تكون نحو 51 مليار شيقل (هذا المبلغ يتضمن 75 بالمئة من المساعدات الخارجية الامنية الأميركية بقيمة اجمالية 3.1 مليار دولار – نحو 10.5 مليار شيقل). وحذر يعلون وكبار رجالات الجيش الاسرائيلي في حينه من أن الميزانية لا تتناسب واحتياجات الجهاز، ولما كان 22 مليار شيقل فقط من ميزانية الدفاع ستصل في نهاية المطاف الى استخدام الجيش نفسه، فان الامر سيؤدي الى المس بالأمن.
واستعد الجيش الاسرائيلي بالفعل منذئذ لتقليصات واسعة، بل بدأ في تطبيقها. وفي هذا الاطار بدأت إقالات لنحو 5500 من رجال الخدمة الدائمة والمواطنين العاملين في الجيش الاسرائيلي في غضون نحو سنتين (وبدلا منهم سيتم استيعاب نحو 1000 رجل شاب للخدمة الدائمة)، وأُغلقت ألوية مدرعات في الاحتياط، أسراب من سلاح الجو، ووحدات اخرى. كما تقرر الوقف شبه التام لاستدعاء وحدات الاحتياط للأعمال العملياتية في السنة القادمة والتقليص الشديد لحجم التدريبات في الوحدات النظامية وفي منظومة الاحتياط، الخطوة التي دخلت حيز التنفيذ منذ الصيف الماضي.
ولكن في تشرين الثاني تم الايضاح نهائيا بأنه نشأ فائض كبير في ميزانية الدولة، بمبلغ نحو 6 مليارات شيقل، سواء بسبب ما سمي بـ "التنفيذ الدون" أم بسبب الارتفاع الذي لم يكن متوقعا مسبقا بكامله في مداخيل الدولة من الضرائب.
ووافق رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على طلب جهاز الامن تسلّم 2.75 مليار شيقل من هذا المبلغ، والذي في غضون بضعة اسابيع نما بـ 40 مليون شيقل آخر الى أن وصل في النهاية الى 2.79 مليار شيقل. وأقرت لجنة المالية تحويل هذا المبلغ، أول من أمس.
ولكن هذا ليس كل شيء: ففي هذه الاثناء يراكم جهاز الامن مقدرات اخرى، فهو سيحصل على نحو 100 مليون شيقل أخرى، كعلاوة خاصة لقاء نفقاته في استيعاب جنود اصوليين. والى جانب ذلك يعتزم الجيش الاسرائيلي تسريع تطبيق خطة اخلاء القواعد في مركز البلاد – بما فيها قسم من معسكر دار الحكومة وأجزاء من صرفند – وبدلا منها تُقام أحياء سكنية. هذه الخطوة، التي تحقق التوافق فيها بالتوازي مع الاتفاق على خصخصة الصناعات العسكرية، ستُدخل الى صندوق وزارة الدفاع 300 مليون شيقل آخر. وهذا المبلغ كفيل بأن يزداد أكثر اذا ما بكّر الجيش اخلاء مزيد من القواعد في السنة القادمة. كما صادقت اللجنة على تحويل نحو 180 مليون شيقل المخصصة لأغراض مختلفة، معظمها لتمويل بنود امنية اخرى، ليست جزءاً من ميزانية الجيش الاسرائيلي.
وهكذا نما مبلغ المقدرات الموضوعة تحت تصرف وزارة الدفاع في العام 2014 إلى نحو 54.2 مليار شيقل على الأقل. كما أن المساعدة الأميركية ستكون أكبر مما كان مخططا مسبقا: فكونه ستكون تأخيرات في قسم من مخططات المشتريات من الولايات المتحدة، نشأ في 2012 فائض 1.82 مليار شيقل في اموال المساعدة. وهذه الاموال، التي حسب الاتفاق مع الأميركيين لا يمكن انفاقها لأغراض اخرى، ستنتقل الى استخدام جهاز الامن في السنة القادمة. وهذا التحويل هو الآخر صادقت عليه أمس لجنة المالية.
في السطر الاخير، ستكون ميزانية الدفاع أعلى عمليا بعدة مئات ملايين الشواقل من المبلغ الاصلي، الذي سبق قرار التقليص. ولن يكون هنا تقليص بل ارتفاع في الميزانية، حتى لو كان قسم من هذا المبلغ مبنيا على علاوات لمرة واحدة لأغراض محددة.
ويبلور الجيش الآن خطة لاستغلال المقدرات الجديدة، التي ستكرس في معظمها للنفقات المرتبطة بالانشغال العملياتي، بتوسيع التدريبات وبالتأهيلات المختلفة. وسيتم استغلال قسم من هذا المبلغ ايضا لدفعات مبكرة للصناعات الامنية لقاء مشاريع بعيدة المدى. ولكن لا الحكومة ولا لجنة المالية تلمس المشاكل البنيوية العميقة القائمة في ميزانية الدفاع، وعلى رأسها الفجوة بين النفقات الامنية "الصرفة" (كالنفقات على التسلح، التدريبات والنشاطات العملياتية) وبين النفقات الاخرى، ولا سيما القوى البشرية.
هآرتس