رفض الإعتراف هو رفض للسلام

بقلم: زلمان شوفال
‘كلما اقتربت نهاية كانون الثاني وهي الموعد الذي ينوي الامريكيون فيه عرض ‘اتفاق اطار’، ارتفعت حيل التشويش والتسويف الفلسطينية درجة. أرسل أبو مازن وثيقة دبلوماسية الى اوباما تشتمل على كل مواقف الفلسطينيين المتطرفة التقليدية، وهو يحاول التعلق بالتفاهمات الامنية التي تم احرازها في عهد رئيس الوزراء اولمرت (وهي تفاهمات شرب عليها الدهر وأكل ولم تكن ذات صلة بالواقع ورُفضت آنذاك ايضا).
يحسن في هذا السياق أن ننتبه الى كلام الدكتور محمد اشتية الذي كان في الماضي عضوا في فريق التفاوض الفلسطيني، وهو من قادة فتح ومقرب من أبو مازن، في المؤتمر الصحفي الذي عقده في الاسبوع الماضي. عبر الدكتور اشتية صراحة عما يفضل أبو مازن نفسه ورئيس فريق التفاوض الفلسطيني صائب عريقات في هذه المرحلة عدم الحديث عنه علنا، فيما يتعلق بالاعتراف باسرائيل ‘دولة للشعب اليهودي’ أو ‘الدولة اليهودية’. لكن لا يمكن اظهار علامات مرونة واضحة في المواقف الفلسطينية من القضايا الاخرى (اللاجئين والقدس والحدود والامن وما أشبه)، لكن يبدو أن موضوع الاعتراف، أو اذا شئنا الدقة، عدم الاعتراف، يحتل المكان المركزي في سلوكهم.
يوجد عندنا من تعجبوا وسألوا، بعض بسذاجة وبعض بنية التنديد، ‘ماذا يكون اصرار نتنياهو هذا على الحصول على اعتراف من الفلسطينيين؟’ لكن الذين يزعمون ذلك يتجاهلون الشيء الأساسي أو لا يفهمون الاسباب الحقيقية التي تقف وراء الحرب التي لا هوادة فيها التي يقوم بها الفلسطينيون في هذا الشأن. فهم نحو الخارج يثيرون تعليلات كزعم أن تعريف اسرائيل بأنها دولة يهودية قد يضر بمكانة غير اليهود الذين يعيشون فيها بل قد يضر بوجودهم، وهذا زعم غوغائي هدفه الرئيس اساءة سمعة اسرائيل، لكن السبب الحقيقي كما قلنا مختلف وهو أن العالم الاسلامي في أكثره والفلسطينيين بخاصة يرفضون مجرد كون اليهود شعبا أو أمة لأن الحديث في رأيهم عن ديانة فقط وهم لا يستحقون دولة، ولهذا عاد وكرر الدكتور اشتية في المؤتمر الصحفي المذكور آنفا قوله: ‘ربما دولة لأجل اليهود لكن لا دولة لليهود’.
ينبع من هنا أنه بالرغم من أن الموقف الفلسطيني الرسمي يؤيد انشاء دولة فلسطينية يأمل غير قليل منهم أن تنشأ آخر الامر دولة واحدة للشعبين (يتحول اليهود فيها الى أقلية يسمح لهم في أحسن الحالات أن يعيشوا مواطنين من الدرجة الثانية كما كانت الحال مدة مئات السنين في البلدان العربية المختلفة). ‘توجد في الحقيقة دولة اسمها اسرائيل، واضطررنا غير مختارين الى الاعتراف بها حقيقة قائمة لأنها أقوى منا عسكريا ولأن لها حليفة كامريكا’، يقولون، ‘لكن اذا جاء يوم وتغيرت هذه المعطيات الاساسية فسنعرف كيف نعامل هذه الدولة غير الشرعية التي استوطنت بيننا والتي انشأتها أمم العالم على حسابنا لتعويض اليهود عما فعلوه بهم في المحرقة’.
كتب البروفيسور يحزقال درور في حينه أننا حتى لو توصلنا الى اتفاق مع الفلسطينيين، وهو يؤيده، فلا ضمان لذلك لانهاء الصراع، ويصدق هذا الامر كلام ككلام الدكتور محمد اشتية. إن الاعتراف باسرائيل دولة للشعب اليهودي هو اذا الامتحان الحقيقي للفلسطينيين في مسألة هل يتجهون الى السلام. والمعادلة بسيطة: إن عدم الاعتراف بأن اسرائيل دولة الشعب اليهودي يعني عدم الاعتراف بحق الشعب اليهودي في دولة له، أي بحق اسرائيل في الوجود.
اسرائيل اليوم