شارون لا يعرف الله!

بقلم: روغيل ألبر
كان لاريئيل شارون في سنوات ولايته لرئاسة الوزراء منزلة مميزة لدى الجمهور الاسرائيلي، كانت محفوظة له فقط لا تتجاوز اليمين واليسار فقط بل تتجاوز الخير والشر، وتقع خارج مجال حكم اخلاقي ما. فشبهات جنايات وفساد من النوع الذي أسقط اهود اولمرت ضخمت شعبيته فقط وكذلك ايضا تنازلات للعرب دمرت حياة اهود باراك السياسية وأفضت الى تحريض أهوج على اسحق رابين انتهى الى قتله.
يُعذبون بنيامين نتنياهو بسبب’ الشره الى الملذات وسياسة رأسمالية ساحقة لم تصم صورة شارون ولم تمس المحبة له بشيء . كان شارون في رأي التيار المركزي من الشعب فوق الانتقاد. وكان تحقيق صحفي يكشف عن سلوك اشكالي عاجزا في حالته وغير ذي صلة بالواقع بصورة سافرة. يُتهم رؤساء وزراء آخرون بالانتهازية والأنانية والتمسك بالكرسي والخلط بين المصالح الشخصية والقومية، ولا يُتهم اريئيل شارون بذلك، فقد كان يجوز لشارون أن يكذب في معركة انتخابية وأن يخون ناخبيه كما يشاء، فقد كان شارون يجوز له كل شيء .
لماذا مُنح هذا الامتياز وحده؟ نجح شارون في أن يشكل حول زعامته اجماعا وطنيا لم يسبق له مثيل في اسرائيل في فترة انتفاضتين لأنه أقنع جمهورا كبيرا من الاسرائيليين كانوا في الماضي متمسكين بحقائق صارمة بين يمين ويسار وخير وشر أقنعهم بأن الحقيقة شيء مرن. وحرر الخطاب السياسي الجامد والاستقطابي من ثباته المُفسد وتعبيده لحقائق مطلقة وافكار أبدية.
كان في مزاجه العام أكثر رؤساء الوزراء عدم تدين وأكثرهم نيتشيانية. فلم يكن شيء مقدسا في رأيه. ولم يكن أي مبدأ منيعا من النظر فيه من جديد وتغييره اذا احتاج الامر الى ذلك. فالحديث عن ثورة عميقة في الوعي بحسب مفاهيم العقلية الاسرائيلية.
هل كان يرى شارون أن المستوطنات أمر جيد؟ يتعلق بالحال. يمكن البناء ويمكن الهدم، ويتعلق ذلك من أين تنظر ويتعلق بما تريد ويتعلق بالظروف، فلا يوجد جواب مطلق ولا يوجد بيقين جواب مشتق من اخلاق عامة أو من حق إلهي.
هل الاحتلال شيء جيد؟ وهل يوجد احتلال أصلا؟ يتعلق بالاحوال. فيمكن الاحتلال ويمكن غيره ايضا، والامر أمر الجدوى والواقع المتغير، فقد كان مجديا ذات مرة والآن أصبح هؤلاء الفلسطينيون صداعا، فربما ليس هو حسنا.
لم يكن هذا التصور العام عند شارون نتيجة براغماتية مجردة، فقد كانت فلسفة حياته أكثر عدمية. هل يجب أن يطيع جندي الامر العسكري؟ يتعلق ذلك بالاحوال. وليس هو دائما. وهل تكون الحرب عادلة حينما لا يوجد مفر فقط؟ يتعلق ذلك بالاحوال، فقد حطم شارون حتى هذا المبدأ المقدس. وهو لم يكن يعرف الله بالمعنى الأعمق. ولم يكن عنده مفهوم عدل يستطيع أن يفهمه الاشخاص المؤمنون بالعدل والاخلاق، فقد كان كل شيء نسبيا من وجهة نظره. وهذا الشخص يمكن أن يكون خطيرا جدا وهو قادر ايضا على أن يمزق مواضعات كانت تبدو خالدة، إربا إربا دون أن يطرف له جفن.
بذل شارون مقابلة صحفية ليئير لبيد قبل أن يصاب بالجلطة بوقت قصير في مطبخ في مزرعته. ولم تزل عن شفتيه مدة الحديث كله ابتسامة واسعة مرحة حتى حينما تحدث عن ابنه غور، ابن الحادية عشرة الذي احتضر بين يديه.
كان الانطباع الذي أحدثه أن رئاسة الوزراء هي عبء ثقيل عليه. فلا هستيريا ولا تاريخ والحياة تجري وهو يجري معها. ولم يجثم فوقه ظل الكتاب المقدس المثقل والمحرقة والثكل والقانون. وقد أحب الاسرائيليون المكبلون كثيرا بماض خانق، أحبوا ذلك جدا وقد جعلهم يشعرون شعورا طيبا.