‘الغموض سيد الموقف’

بقلم: دان مرغليت

احتج جون كيري قبل أن يسافر سفرا قصيرا الى بلده، لأنه سيكون في الاسبوع القادم في اوروبا وقد يقفز الى الشرق الاوسط، أن الطرفين مشغولان باطلاق بالونات سياسية. وهو لا يعلم من أين ظهرت العقدة التي لا حل لها وهي أن الاعتراف الفلسطيني باسرائيل دولة يهودية مشروط بالموافقة على صيغة تفتح بابا للاعتراف بـ ‘حق العودة’ لأبناء اللاجئين في 1948.
صحيح أنه أُثيرت في لقاءاته الحافلة المشحونة بالمواضيع في القدس ورام الله مع بنيامين نتنياهو وأبو مازن أفكار مختلفة. وسُرب واحد من مبنى المقاطعة وكان له أساس وهو أن تشرف على النهر في غور الاردن دوريات مشتركة بين اسرائيليين وامريكيين واردنيين وأن يُضم اليهم ايضا مراقبون فلسطينيون ليسوا بمنزلة جنود. ويفي ذلك برغبة الاردن في أن يقلص بقدر المستطاع الوجود الفلسطيني، وبطلب اسرائيل أن يمشط جنودها الخط، واذا اقترح الامريكيون الانضمام فسيتم تقبلهم في القدس اصدقاء دائما.
إنه ما بقي أكثر المواضيع غامضا فانه يسيطر على وسائل الاعلام المتحدثون بلا مضمون. وقد نبه اهود اولمرت أمس الى أن رئيس الوزراء الذي لا يصنع سلاما هو ‘غبي’. لكنه لم يصنع سلاما لا لأنه لم يرد بل لأن أبو مازن تهرب، ولم يكن مجرد تهرب بل إنه فعل ذلك برغم تنازلات مبالغ فيها من اولمرت اشتملت حتى على اعتراف بحق العودة.
وقد عرف اولمرت آنذاك كيف يدافع عن نفسه زاعما أن أبو مازن هرب واختفى، لكن كلما مرت السنين غير تأكيداته. إن اسرائيل بحسب خطبه في السنتين الاخيرتين أعظم ذنبا من الفلسطينيين في عدم وجود السلام.
وهو نفس الحكم ايضا على كلام افيغدور ليبرمان المضلل. يمكن أن ننسب اليه حقيقتين وهما أن اقتراحه نقل البلدات العربية في داخل اسرائيل الى سيادة فلسطينية عمره ست سنوات، وقد جدده الآن فقط. والحقيقة الاخرى أنه مقبول عند عدد من المسؤولين الكبار الآخرين ايضا. لكن الجميع يعلمون أن الحديث عن موضوع قابل للاشتعال وأنه اذا أمكن اثارته فيجب فعل ذلك في همس وفي الغرف المغلقة وفي آخر مرحلة من مراحل رسم الخرائط لا حينما يكون الحديث في الحاصل عن اطار اتفاق يتعلق باطالة التفاوض.
وليس هذا فقط، فقد بدأ ليبرمان علاقة غرامية سياسية بالامريكيين وهذا أمر جيد بازاء العصي التي وضعها في دواليب قطار تفاوض نتنياهو الى ما قبل وقت قصير لكنه بصفته عاشقا متحمسا أفرط الى درجة قوله إنه لن يكون اقتراح أفضل مما جاء به كيري. وهذا يعني بلغة عبرية بسيطة: أنظر وقدّس لأنه لن يكون موجودا بعد ذلك. ولا مشكلة في تعبيره عن هذا الرأي لكن لماذا الآن؟ إنه شيء مبكر جدا ومتأخر جدا.
إن كثيرين الآن يتحسسون طريقهم في الظلام. وقد لاحظ اليمين في الليكود أن نتنياهو في جلسة الحزب قال إنه لن تُقتلع أية مستوطنة في يهودا والسامرة لكن توجد مناطق غير مأهولة في اسرائيل القديمة.
فماذا يعني ذلك؟ ستنتظر التساؤلات الى الجولة التالية. وقد سافر كيري الآن وأصبح اولئك الذين أرهقهم التفاوض قد أُتيحت لهم مُهلة.

حرره: 
م.م