دول فلسطينية بلا يهود!

بقلم: موشيه آرنس

جاء جون كيري وفي جيبه اتفاق اطار بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، فهو يتوقع أن يوقع عليه بنيامين نتنياهو ومحمود عباس ويفضل أن يكون ذلك في أسرع وقت. ويمكن أن نُخمن أنه يوجد في اتفاق الاطار ‘القضايا الجوهرية’: حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية وعاصمتها واللاجئون الفلسطينيون، وتبادل الاراضي، والترتيبات الامنية، واعتراف فلسطيني بأن اسرائيل دولة يهودية. أو بعبارة اخرى: كل القصة، أي كل ما جعل الاتفاق بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية مهمة غير ممكنة الى الآن وقد يجعلها تصبح مهمةً ممكنة الآن كما يرى كيري. لكن الخلاصة أن أساس الاتفاق المقترح هو أنه في اللحظة التي سيُطبق فيها ستوجد ثلاث دول فلسطينية: فلسطين الشرقية (الاردن)، وفلسطين الغربية (يهودا والسامرة)، وفلسطين الجنوبية (قطاع غزة)، وليس فيها حتى يهودي واحد. إن اخراج اليهود من هذه الاراضي ليس بالطبع مبدأ يظهر في اتفاق الاطار لكنه موجود في أساسه، وعلى حسب الوضع الآن لا يوجد اتفاق من غيره، ومن شاء فانه يستطيع أن يسمي ذلك دولتين للشعبين، لكن الحديث في الحقيقة عن اربع دول للشعبين: ثلاث منها بلا يهود وواحدة 20 بالمئة من سكانها عرب.
إن الشرط الذي يسبق وجود هذه التسوية برغم أنه لا يُذكر صراحة في اتفاق الاطار المقترح، هو أن يُنقل الى الدولة الفلسطينية الغربية حتى آخر كيلومتر مربع المنطقة التي احتلها الجيش الاردني الذي غزا ارض اسرائيل في 1948. فاذا شُملت مستوطنات ذات سكان يهود كثيرين موجودين وراء خطوط وقف اطلاق النار في 1949 وهو ما يسمى ‘الكتل الاستيطانية’، اذا شُملوا في دولة اسرائيل فسيكون ‘تبادل اراض’، وتُسلم عوضا عنها مناطق غير مأهولة في دولة اسرائيل تُنقل تعويضا الى الدولة الفلسطينية الغربية. وعلى ذلك لن يكون في فلسطين الغربية يهود وستشمل مساحتها عدد الكيلومترات الذي كان تحت الاحتلال الاردني حتى 1967.

إن سؤال لماذا يجب أن تكون المحاولة الاردنية للقضاء على دولة اسرائيل في 1948 أساسا لمطالب الفلسطينيين من المناطق، هو قضية يفضل كيري ألا يتطرق إليها، فهو ببساطة يتوقع أن تبتلع اسرائيل ذلك.

ربما لا يعلم كيري حقيقة أن مساحة الدول الفلسطينية الثلاث كلها ومساحة اسرائيل اليوم كانت مخصصة لتكون مساحة الدولة اليهودية بحسب الانتداب الذي منحته عصبة الامم لبريطانيا بعد الحرب العالمية الاولى. وكان أحد شروط الانتداب أن تشجع بريطانيا استيطانا يهوديا مكتظا في المكان.
إن ونستون تشرتشل إذ كان وزيرا للمستعمرات البريطانية هو الذي استقر رأيه تعسفا على نقل المنطقة شرق الاردن الى عبد الله إبن الحسين شريف مكة، واغلاقها في وجه هجرة يهودية وفي وجه استيطان اليهود في المكان، وهي المملكة الاردنية اليوم التي أصبح 70 بالمئة من سكانها فلسطينيين، والتي لا تُمكن اليهود من السكن فيها، والتي تحكم بالموت على من يبيع يهوديا ارضا. في الغزو في 15 أيار 1948 دمر الجيش المصري والجيش الاردني المستوطنات اليهودية التي أنشئت في يهودا والسامرة وقطاع غزة في ايام الانتداب البريطاني وقُتل سكانها أو طُردوا.

يتضمن اتفاق اطار كيري أنه قبل أن تصبح يهودا والسامرة الدولة الفلسطينية الثالثة، سيُطرد منها كل اليهود الذين يوجدون هناك. وهذا الموقف لا يلائم مباديء الحكم الديمقراطي ولن يحظى أصلا بتأييد الأكثرية في العالم الديمقراطي، فهل تستطيع اسرائيل أن توافق على هذا المبدأ؟.
وربما يفاجيء عباس الجميع ويعلن بأنه سيتقبل مبارِكا يهودا في الدولة الفلسطينية التي يريد انشاءها.

حرره: 
م.م