السيادة على الغور تسوّغ المواجهة مع الولايات المتحدة ... ولكن

بقلم: أوري هايتنر

يعلم كل واحد منا كيف يُفرق بين كلام يستطيع أن يبيح لنفسه قوله في بيته في لقاء مغلق مع اصدقائه المقربين وبين كلام يستطيع أن يقوله على رؤوس الأشهاد، وحينما يخرج الى الخارج كلام كان مخصصا لغرفة مغلقة فان ذلك قد يفضي الى حرج.
يعرف وزير كبير أيضا كيف يفرق هذا التفريق، لكن الكلام الذي يقوله قد لا يسبب حرجاً فقط بل ضرراً ايضا. لم يكن يخطر ببال وزير الدفاع، موشيه يعلون، ان يقول الكلام الذي قاله عن كيري علنا، وما كان ليقوله لو خطر بباله أنه سيذاع على رؤوس الأشهاد. فقد قاله على مسامع أناس كان يثق بهم، ومجرد حقيقة أنه لا يستطيع أن يثق بالناس الذين يسربون اقوالا قد تضر بالدولة، شديدة الخطر في حد ذاتها. لكنه هو، وهو فقط، يتحمل المسؤولية عن الكلام الصادر عنه، ولأنه أُعلن فهو مسؤول عن النتائج، ولهذا أدرك أنه يجب عليه أن يعتذر الى كيري عن المس به (وإن لم يعتذر عن ماهية الكلام).
إن كلام يعلون عن كيري منذ اللحظة التي أصبح معلنا فيها، زلة شديدة ومس بالعلاقات بالولايات المتحدة التي هي كنز استراتيجي من الطراز الاول. لكن يوجد احيانا في الحقيقة تناقض بين هذا الكنز الاستراتيجي وكنوز استراتيجية اخرى، وتكون المواجهة الظاهرة حتمية. وينبغي احيانا تأخير مصلحة العلاقات بالولايات المتحدة حينما يكون البديل ضررا شديدا بأهداف اسرائيل القومية. ولا مناص احيانا من مواجهة الولايات المتحدة في مواضيع حيوية لإسرائيل كالخطر الشديد في الاتفاق مع ايران. لكن يحسن بالجملة أن يتم استيضاح الاختلافات مع الولايات المتحدة بصورة سرية.
إن قضية غور الاردن موضوع يجب الاصرار عليه بقوة حتى لو كان ثمن ذلك مواجهة مع الولايات المتحدة لأن مصلحة اسرائيل المميزة في الغور هي نتيجة مباشرة لفكرة المصالحة على الاراضي. والمصالحة على الاراضي التي توجب انسحابا اسرائيليا من مناطق فلسطينية كثيرة السكان في "يهودا" و"السامرة" بسبب التهديد السكاني في السيطرة عليها، يقتضي سيادة اسرائيلية على الغور كي تكون لإسرائيل حدود قابلة للدفاع عنها تعتمد على عمق استراتيجي. وليست عندنا أية قدرة في الوضع السيال المتقلب جدا في الشرق الاوسط على أن نعلم من الذي سيحكم الاردن بعد سنة والعراق بعد سنتين، واذا كنا لا نريد أن نواجه اتصال سيطرة "القاعدة" من باكستان الى شارع 6 ومطار بن غوريون فينبغي أن نضمن أن يكون غور الاردن بمعناه الأوسع تحت سيادتنا. وينبغي أن تُزال من برنامج العمل فكرة الانسحاب من غور الاردن.
إن السيادة على الغور هي قضية مختلف فيها مع الولايات المتحدة، وهي تسوغ المواجهة معها اذا لم يكن مفرا منها. لكن هذه المواجهة يحسن أن تتم بطرق دبلوماسية وبأسلوب دبلوماسي. وإن اقوالا كأقوال يعلون تحرف النقاش من السمين الى الغث وتضر بالدعوى الاسرائيلية وبالصورة الاسرائيلية وتحدث توترا لا داعي له ومضرا بالعلاقات بين الدولتين.
يجب على يعلون، الذي لاحظ حينما كان رئيس اركان الحاجة الى انتعال نعلين عاليتين في الكرياه لأنها مليئة بالافاعي، أن يستنتج الاستنتاجات بطريق الأولى عن الكرياه (القرية) السياسية، وعليه أن يأخذ في حسابه أن الكلام الذي يُقال في غرفة مغلقة قد يخرج الى الخارج ويشعل حرائق لا حاجة اليها ومضرة. ويجب عليه باعتباره جنديا وقائدا ذا خبرة أن يدرك أن الحفاظ على أمن ميدان السياسة لا يقل أهمية عن الحفاظ على أمن ميدان القتال.