كيف لم نر ذلك يأتي؟!

ايتان هابر
ما المفاجيء في أمواج التسونامي التي تتحطم على الشاطيء. إنه المفاجأة نفسها. فترى انسانا يجلس في مقهى بالقرب من الشاطيء، وفجأة تأتي موجة ضخمة من مكان مجهول وفي ثانية أو دقيقة يزول المقهى وتزول القهوة ويزول الانسان. وكذلك الامر مع الزلزال حيث يجلس انسان في مكتبه في الطابق 16 في برج مكاتب، يتحدث الى زوجته هاتفيا ودون أي تحذير سابق تحرك الارض أسسها حتى إن الرجل لا يستطيع أن يقول ‘سلام’ بالهاتف.
‘إن المثال الأكثر واقعية هو العملية الارهابية في برجي التوائم في نيويورك. هل فكر شخص ما في الطابق 98 في ذلك المبنى دقيقة واحدة أو ثانية واحدة فيما سيحدث؟ بل إن كارثة الانفجار بسبب تسرب الغاز في هذا الاسبوع في القدس تشبه ذلك حيث كانت عائلة قد ذهبت للنوم فرحة منشرحة الصدر، فماتت في خلال ثوانٍ.
أحسن اهود باراك وصف ذلك حينما تحدث عن ‘إزهار الكرز′: إن ضربات البرد لشجرة الكرز لا تُرى، وفي صباح ما تزهر ازهارا رائعا دون انذار سابق.
‘ إن هذه الامثلة بالطبع ليست جيدة، فالدولة ليست مقهى ولا برج مكاتب بل ولا عائلة مفاجأة أو شجرة كرز. فالدولة في أكثر الاحوال لا تختفي دفعة واحدة، ويمكن أن توجد اشارات تحذير من الأحداث الآتية. ولا يكون لهذه الاشارات في احيان كثيرة أية قيمة.’
لكن ما الذي يحدث حينما يحدث؟ يتحدث طلاب زئيف جابوتنسكي وأشياعه الى اليوم في فخر عن علامات التحذير التي حذر بها اليهود في اماكن الجاليات وأنهم اذا لم يقضوا عليها في الوقت فستقضي هي عليهم. وهم خصوصا اليوم أول من يقفزون محاولين القضاء على كل اشارة تحذير قائلين إنها هراء وسخافات ونبوءات غضب، وأنه لا أحد مات الى اليوم من كلام سخيف.
ماذا نقصد بهذا؟ يجب أن تكون أصم وأحمق وصغيرا كما قيل في التلمود كي لا تلاحظ ما يجري في هذه الايام في الساحة السياسية. يُخيل إلي أن سلام فياض، رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، كان هو المسؤول عن المقولة والسياسة التي جاءت إثرها وأساسها أننا لن ننجح في أن نهزمكم بالارهاب (لأنكم تملكون فيما تملكون ‘شباك’ ممتازا)، فسنحاول اذا أن نهزمكم في الساحة السياسية، وبعبارة اخرى أدرك الفلسطينيون أن صور الدم والنار وأعمدة الدخان لا تخدم أهدافهم فانتقلوا الى حيث يوجد لهم تفوق من البدء تقريبا.
لا تعترف أكثر دول العالم بالاحتلال وبالمستوطنات التي نشأت في الاراضي المحتلة. وقد رأت أن كل مستوطنة قطعة من حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والحياة الجديدة. يستطيع نفتالي بينيت ورفاقه أن يصرخوا الى الغد متحدثين عن حق الآباء وارض الآباء وعن كواشين من الكتاب المقدس، وحتى لو كانوا على حق تماما فان العالم في القرن الحالي يسد أذنيه.
بعد أن أدرك الفلسطينيون أن عطف العالم ممنوح لهم (ويشمل ذلك عطف الولايات المتحدة بل كندا بل ميكرونيزيا ايضا) تقدموا لقطع أنابيب الاوكسجين السياسية والاقتصادية عما يسمى عندنا ‘تحريرا’ و’خلاصا’ و’العودة الى صهيون’ وما سيسمى دائما ‘احتلالا’.
إن المقاطعة الاوروبية في الحقيقة غير مشعور بها الى الآن في اسرائيل، بل إن التصدير الاسرائيلي الى اوروبا زاد في 2013. فماذا سيكون في 2014؟ قد تكون الغيوم أخذت تتلبد فوق رؤوسنا.
اخطأنا حينما فكرنا في ايام خلت أن امريكا العظيمة صديقتنا السابقة ستقف عن يميننا وتحبط التدبير الفلسطيني الذي جر اوروبا. لقد أضحكتم واشنطن. فقد تبين للامريكيين قبلنا كما يبدو أنهم يستطيعون العمل باستخدام الاوروبيين على دولة اسرائيل وتكون أيديهم نقية. قالوا لنا دائما رأيهم في ‘التحرير’ الذي هو ‘احتلال’ في رأيهم ورددنا عليهم بغمزة.
إن المشكلة الحقيقة الكامنة وراء المقاطعة الاقتصادية وربما السياسية الممكنة ايضا (وليتنا نكون مخطئين) أنه قد تغرق العالم بعدها أو معها ايضا موجة سلب دولة اسرائيل شرعيتها. وهذه ازمة شديدة ومدعاة الى اوقات صعبة في عالم جزء غير صغير منه معادٍ للسامية في الحقيقة. وسيصعب على دولة اسرائيل جدا آنذاك أن تُدبر حياتها.
ليتنا نكون مخطئين ويكون مخطئا معنا ايضا 100 من قادة الجهاز الاقتصادي والاقتصاد الاسرائيليين الذين هبوا مؤخرا الى رئيس الوزراء ليحذروه من الآتي. لكن اذا كان هذا هذا هو الطريق والاتجاه لا سمح الله فاننا نستطيع أن نُخرج من الدرج المغبر الأشرطة القديمة وننشد معا ‘العالم كله ضدنا’.
‘يديعوت أحرنوت