اختلاف على الغيب

بقلم: دان مرغليت
مكن معهد بحوث الامن القومي أمس المشاركين في مؤتمره السنوي من أن يقفوا على الفروق الدقيقة بين موقفي وزيرين رفيعي المستوى يتحفظان من المسيرة السياسية التي يقودها نتنياهو. إن الفرق في الخلاصة هو بين موشيه يعلون الذي يزعم أنه لا يوجد من يصنع معه سلام يقوم على ‘دولتين للشعبين’، وبين نفتالي بينيت الذي يعارضه ايضا في امكانية تحقيقه. ويوجد بين يعلون وبينيت قاسم مشترك دقيق فقط.
حينما حانت نوبة القاء رئيس الوزراء لخطبته امتنع عن مخالفتهما وحصر عنايته في موقفه وهو أنه لا تسوية دون اعتراف فلسطيني بأن اسرائيل دولة يهودية. والفلسطينيون هم على نحو عام الذين يطلبون تعادلا بين الطرفين بحيث انه اذا اخذت مثلا قطعة ارض في يهودا والسامرة فينبغي أن تعاد من اسرائيل داخل الخط الاخضر. وحصر نتنياهو عنايته في هذه المرة خاصة في هذه المعادلة قائلا انه لا اعتراف بدولة للشعب الفلسطيني اذا لم يوجد في مقابل ذلك اعتراف بدولة للشعب اليهودي.
يزعم المطلعون على تفاصيل ورقة العمل التي يعدها جون كيري ان الاختلافات في صفوف الائتلاف الحكومي هي في بيضة لم توضع بعد. فالامريكيون لن يعرضوا اتفاق اطار ولا اطارا لاتفاق بل سيعرضون في الحاصل موقفهم الذي سيطلب الى الطرفين ان يردا عليه بوضوح. والمسافة من هنا الى مسألة ابقاء مستوطنات عبرية في نطاق سيادة فلسطينية طويلة.
لكن عرض هذا الموضوع يثير حب الاستطلاع ويحفز الخيال، وقد عرضه بينيت معتمدا على حقائق بعيدة، يشك في أنها اقنعت سامعيه. إن مذبحة اليهود في الخليل في 1929 وعملية التنكيل بجنديي الاحتياط من الجيش الاسرائيلي في رام الله في 2000 واقعتان مؤلمتان في الذاكرة الاسرائيلية، لكن هل هما البرهنة على انه لن يمكن العيش في اطار يهودي في فلسطين؟.
لم يتطرق نتنياهو الى هذه القضية وفعل عاموس يادلين ذلك بدلا منه حينما قال لبينيت ببث في القناة الاولى انه يعرف ايضا وقائع كثيرة انقذ فيها فلسطينيون يهودا ضلوا طريقهم.
ليس واضحا الى أين يفضي كل ذلك ولن يتضح الى أن تعرض وثيقة كيري على الطرفين، أما الآن فان الفلسطينيين هم القلقون وقد ارسلوا وفدا الى واشنطن لاجراء محادثات مع الامريكيين. فهل يعلمون شيئا يضايقهم، ولا يستطيعون قبوله؟ واذا كانت توجد مواد كهذه حقا في الوثيقة الامريكية فليست الخطوة الضرورية هي مشاجرة كيري بل الحديث اليه على إثر الفلسطينيين والوعد بأن ما هو جيد لاسرائيل فلن يمحى وأن ما يثقل عليها سيطمس بقدر المستطاع.
وسأل يادلين في اثناء المؤتمر الجنرال الامريكي المعروف ديفيد باتريوس عن علامات ضعف التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة واسرائيل. وكان السؤال مهما. لكن باتريوس المؤثر في النفس ليس هو الرجل الذي يستطيع أن يجيب باسم الادارة الحالية.
ألا أمل من المحادثات مع الفلسطينيين، وهل ينبغي السعي الى تسوية مع الامريكيين والاوروبيين وربما مع جامعة الدول العربية؟ عرض معهد بحوث الامن القومي صيغة كهذه لكنها ما زالت فجة غير مصوغة وهي مترددة بين التنازل وبين التمسك بالحاجات الامنية في الارض.
وتستمر الرحلة السياسية.