الليكود حاكما وحكيما

بقلم: ايتان هابر

يكون خطأ كبيرا اعتقاد ذلك من البدء، لكن الخلاصة الاخيرة في الـ 500 كلمة التالية هي أننا محظوظون لأن حكومات الليكود منذ 1977 اذا استثنينا بضع سنوات هي التي تدير الدولة. يغطي جبيننا عرق بارد في ليال لا نوم فيها لفكرة ساذجة جدا وهي ماذا كان سيحدث هنا وقد حدث لو كان الامر ضد ذلك. لو كان ذلك لأصبحت دولة اسرائيل منذ زمن مشتعلة.

الى سنة 1977 حكمنا هنا حزب العمل على اختلاف نسخه وكان ذلك في الاساس تحت اسم مباي وكان ذلك الحكم يشبه حكما استبداديا بقدر كبير. يصعب أن نصدق ما الذي سمح بفعله لأنفسهم قادة الدولة آنذاك، واليكم مثالا صغيرا: قبل بضع سنوات التقيت مع شخص كان يعمل في ‘الشباك’ من اوائل من خدموا في هذا الجسم الاستخباري، أمتعه أن يتحدث كيف كانت تدريباته الاولى أن يسرق وثائق كان يحتفظ بها مناحيم بيغن تحت الوسادة في غرفته في فندق في القدس حينما كان نائما. وقال: ‘كانت المشكلة في الاساس كيف نعيد الوثائق الى ما تحت الوسادة’.

إن الليكود كابوس اعضاء مباي تولى الحكم برئاسة بيغن ذاك قبل 37 سنة، أي أنه يتولى الحكم مدة نصف سني وجود الدولة تقريبا اذا استثنينا سنوات حكم اسحق رابين الثلاث والنصف وسنتين ونصفا لشمعون بيرس وسنة ونصفا تحت صولجان اهود باراك.

في الصراع الذي لا نهاية له بين المعسكر الاشتراكي وبين المعسكر القومي في طول التاريخ زعم اعضاء مباي على اختلاف اجيالهم أن الافكار التي انشأها زعيم الحركة التصحيحية غير قابلة للتنفيذ. إن ‘ضفتين للاردن واحدة لنا والاخرى لنا ايضا’ هو نشيد حسن للحمام والمغطس لا باعتباره قائد فكرة قومية وسياسية. وقد حطم الحلم بارض اسرائيل الكبرى الكاملة قبل ذلك البريطانيون بخطط التقسيم المختلفة، لكن كان دافيد بن غوريون هو الذي ضربه الضربة القاضية. فقد أعلن قيام الدولة في 1948 وخلف بيغن ورفاقه في احلامهم. بل يعترف اليوم كارهو مباي السافرون بأن تلك الاحلام كانت عبثا، فقد انتصرت براغماتية مباي.

بُعث الحلم القومي حيا مع الانتصار العسكري المدهش في حرب الايام الستة في 1967. ‘عدنا الى عنتوت والى شيلا والى بيت ايل كي لا نغادرها أبدا’، قال موشيه ديان بصورة شاعرية لكن المعسكر القومي واجه سريعا الواقع المر في نظره من جهة جغرافية وسكانية. وأصبح ذلك الواقع ملموسا اكثر حينما دخل مناحيم بيغن ديوان رئيس الوزراء. فقد تبين له فجأة الآن وفجأة اليوم أن الاغاني والاحلام في جهة والواقع الصعب القاسي في جهة.

حاولت حكومات الليكود المختلفة أن تحتال على الواقع وتتذاكى وأن تتجاهل ما يحيط بنا من قريب ومن بعيد. وقد حاولت ونجحت في اقرار حقائق على الارض وفي أن تستهين بما يقولون ويعتقدون ويفعلون في العالم. ونجح ذلك الى الآن وربما ينجح فيما سيأتي. لكن بيغن بل اسحق شمير مثل اريك شارون واهود اولمرت تعلموا في ديوان رئيس الوزراء على جلودهم حدود السلطة الاسرائيلية. فهذه ارض صغيرة وهذا شعب صغير يواجه عالما قاسيا. ولذلك يجب علينا أن ننتبه ونندد ونُجل القدر والتاريخ اللذين أجلسا ناسا من الليكود في رئاسة الوزراء، فهم يمزقون منذ سنوات بين الاحلام والواقع وهذا الوضع يعذبهم كثيرا ويقلب امورهم ويقلب آراءهم الاساسية ايضا.

لا يعترف التاريخ بكلمة ‘لو’. لكننا غير معفيين من الفكرة الكابوسية التي هي ماذا كان سيحدث هنا لو لم يخل بيغن منطقة يميت، ولم يخل شارون غوش قطيف، ولم يعرض اولمرت خريطة التنازلات الكبرى على الفلسطينيين. وكيف نعلم أن كل ذلك صحيح؟ لأن كل ذلك قد وقع: فقد حدثت هنا مظاهرات عاصفة ودعوات الى استعمال القوة وفتاوى حاخامين وقتل رئيس الوزراء على أقل من ذلك.