تحية لمحكمة العدل العليا

بقلم: زئيف كام
لو كنت يئير لبيد لقفزت هذا الصباح الى أقرب محل لبيع الورود من بيتي، واشتريت باقة كبيرة وغالية، وأرفقتها ببطاقة تهنئة مادحة وأرسلت الرزمة مباشرة الى مكتب اعضاء الهيئة القضائية في المحكمة العليا الذين اصدروا القرار في موضوع الغاء ميزانيات المدارس الدينية الاصولية. فلولاهم من كان سيفكر على الاطلاق بالعودة الى الاهتمام بقانون تجنيد الاصوليين وتحويل الموضوع الى عنوان رئيس في الصحيفة. فقد كادت وسائل الاعلام تهجر الموضوع، والجمهور يعنى بمشاكل غلاء المعيشة، وفي الكنيست ايضا (باستثناء اعضاء اللجنة) بات هذا موضوعا لم يعد منذ زمن بعيد يجتذب النار.
في هذا السياق يجدر بنا ان نتذكر شيئا كدنا ننساه. فقانون تجنيد الاصوليين اقر بالقراءة الاولى قبل نهاية الدورة الصيفية السابقة، في موعد ما في نهاية شهر تموز. ومنذئذ وحتى اليوم تنكب اللجنة في الكنيست على اعداد القانون للقراءة الثانية والثالثة، ولكن الاهتمام الاعلامي فيه كان على حدود التثاؤب. فقط لو كان بوسعي أن افتح امامكم الجدالات عندنا ايضا داخل أسرة التحرير في كل مرة طرح فيها الموضوع من اللجنة التي تعنى بالقانون لتعرفتم على سياق مشوق في عمل الصحيفة. الحقيقة هي أنه منذ زمن بعيد لم يعد احد يهتم بقانون التجنيد، بتفاصيله الكثيرة والمركبة.
وعندها جاء قرار المحكمة العليا وفعل أمرين. أولا، أيقظ الموضوع من غفوته. مرة اخرى نتعرف على تعابير ‘العقوبات الجنائية’ مقابل ‘العقوبات الاقتصادية’، ‘واجب التجنيد’ و ‘خدمة النساء’. الامر الثاني الذي حصل هو أنهم في يوجد مستقبل حصلوا على هدية من السماء، بالمفهوم السياسي. ففكروا للحظة على كم موضوع حاول وزير المالية القفز في الاشهر الاخيرة بنجاح نسبي قليل. والان، نهاية كل نهاية، عاد الى العناوين الرئيسة ذات الموضوع الذي لا يمكن لاحد أن يأخذه منه.
عندما أعلن لبيد عن فرض الرقابة على اسعار الجبنة والقشدة حظي في الغالب برد فعل من الضحك الهازىء. وعندما بدأ الحديث عن المواضيع السياسية، لم يأخذوه حقا على محمل الجد، وذهبوا لفحص ما يوجد لبينيت ولفني ليقولاه في هذا الشأن. وحتى مواضيع الدين والدولة الاخرى، مثل عقد الزوجية او نقاط الاستحقاق لاحادي الجنس، لم تنجح في يوجد مستقبل في الحفاظ على جدول الاعمال الجماهيري أكثر من بضعة ايام. وعندما كان لبيد واثقا من أن شيئا لن يجدي، جاء قضاة محكمة العدل العليا والقوا بدولاب النجاة نحو وزير المالية وحزبه.
النائبة آييلت شكيد من البيت اليهودي قالت امس ان هذا قرار زائد كون اللجنة على اي حال ستنهي عملها قريبا. وهي مخطئة. فالحديث يقول عن قول قيمي اصرت محكمة العدل العليا على قوله، حتى لو لم يكن ذا معنى حقيقي عمليا. تعرف محكمة العدل العليا بانه بعد نحو شهر سيصل مشروع القانون الدراماتيكي هذا الى نهاية طريقه.
لا يحتمل وضع يبدأ فيه الجمهور والاعلام النقاش الجماهيري حول الموضوع في يومين قبل الاقرار النهائي للقانون في الكنيست. واذا اضطررنا الى المعاناة من تلك اللامبالاة الاعلامية والجماهيرية بالنسبة للموضوع لهذا القدر الطويل من الاشهر، فمن الجدير ان في الشهر الاخير على الاقل من اقرار القانون يصبح الموضوع مركزيا يكتب عنه ويجادل فيه. وفقط على هذه المساهمة المتواضعة يمكن قول شكرا لقضاة العليا.