نحو وثيقة: التهربات الفلسطينية

بقلم: زلمان شوفال

قال رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن مؤخرا في حديث الى المحلل السياسي في صحيفة ‘نيويورك تايمز′ توماس فريدمان إنه سيوافق على أن تبقى قوات الجيش الاسرائيلي في الدولة الفلسطينية خمس سنوات لا ثلاث سنوات كما قال في مقابلة صحفية سابقة. وهو يقترح أن توضع قوات من حلف شمال الاطلسي في غور الاردن والقدس.
أخذت مواقف الفلسطينيين تصبح أكثر تشددا كلما اقترب موعد تقديم كيري لوثيقته، وهي تستمد التشجيع من التهديدات والتحذيرات ‘الصداقية’ من وزير الخارجية الامريكي ومن جهات اوروبية، من القطيعات المتوقعة لاسرائيل اذا لم يتم احراز اتفاق. والاشارة الواضحة هي الى أن اسرائيل ستتهم بالفشل (بضع عشرات من رجال الاعمال الاسرائيليين نشروا في الشهر الماضي اعلانا يدعو الى اتفاق بكل ثمن، الأمر الذي أمد الفلسطينيين بالسلاح وبرهنوا مرة اخرى على أن النجاح في الاعمال ليس ضمانا للمسؤولية السياسية.
كان الامن وسيبقى المسألة الرئيسة بالنسبة لاسرائيل، وليس عرضيا أن أبو مازن يثير اقتراح وضع قوات من حلف شمال الاطلسي على حدود الدولة الفلسطينية، لأن عيوب هذا الحل ونقاط ضعفه هي في الهدف الذي يسعى اليه وهو التهديد الدائم لاسرائيل تحت مظلة مثقوبة لجهات دولية لا تهتم كثيرا بأمن اسرائيل.
إن قضية وجود الجيش الاسرائيلي ليست مسألة جدول زمني بل هي مسألة ماهية. فلن تمنع لا قوات حلف شمال الاطلسي ولا قوات دولية اخرى (الامم المتحدة مثلا) الاحتمال المحدد جدا وهو أن تتكرر سابقة غزة وبوقة اكبر في الضفة الغربية ايضا.
والى ذلك فان أكبر تهديد لأمن اسرائيل لا يأتي من قبل الدولة الفلسطينية (وإن كان لا ينبغي الاستخفاف بهذا التهديد بالطبع) بل من جهات كالجهاد العالمي والقاعدة سواء عملت من قبل نفسها أو بتوجيه قيادة مركزية، أو كانت توجهها ايران. وستصبح الدولة الفلسطينية بالنسبة لكل هذه الجهات برغم العداء بينها، قاعدة ورأس جسر للعدوان على اسرائيل (والاردن). ولهذا فان الوجود الامني الاسرائيلي في داخل الارض الفلسطينية وحول حدودها يجب أن يكون طويلا، نظراً للواقع السياسي والعسكري الخطير في المنطقة كلها.
سيُدعى الطرفان الى تقديم ملاحظاتهم وتحفظاتهم على الاقتراحات التي يوشك كيري أن يقدمها، وبالاعتماد على تجربة الامريكيين في الماضي ينبغي أن نفرض أنه لن يكون الحديث عن إملاء بل عن اقتراحات برغم الضغوط المباشرة وغير المباشرة التي ستستعمل على الطرفين أو على اسرائيل خاصة.
وستظهر اسرائيل استعدادا للبحث في المواضيع المختلفة أما الفلسطينيون الذين ينتظرون أصلا في نفاد صبر الفرصة للعودة الى الامم المتحدة والمؤسسات الدولية الاخرى كي يدفعوا باهدافهم قدما دونما حاجة الى مصالحات وتنازلات، فسيجرون أقدامهم. ينبغي أن نأمل فقط ألا تستمر جهات اسرائيلية من اليمين واليسار في هذه الاثناء على جدالات لا داعي لها لا تخدم لا السلام ولا الأمن.
 

حرره: 
م.م