إسرائيل تضع شروطا تعجيزية لتظهر الفلسطينيين رافضين للسلام

بقلم: تسفي برئيل

إنه شريك ممتاز في محادثات ترمي الى أن تستخرج من اسرائيل تنازلات اخرى وكتابتها في الورق ثم يرفض بعد ذلك لاسباب مختلفة التوقيع على مسودة وانهاء المحادثات’، هكذا يرسم شلومو افنيري في مقالته ‘لن يوقع′ في صحيفة ‘هآرتس′ 10/2، صورة الشريك الفلسطيني، محمود عباس. ويرى افنيري باختصار أنه بسبب طبيعة هذا الشريك (غير الشريك)، تستطيع اتفاقات مرحلية فقط أن تضائل الاختلاف بين اسرائيل والفلسطينيين.

من المثير للاهتمام وإن لم يكن مفاجئا أن تخرج اسرائيل نقية كالثلج في وصفه الطويل للرفض الفلسطيني، هذا اذا استثنينا المستوطنات التي ينتقدها افنيري.

يعرض البروفيسور افنيري اسرائيل و(غير الشريك) الفلسطيني كأنهما طرفان متساويان في القوة والكبر والممتلكات يجب عليهما أن يعرضا تنازلات متوازية. وهذا عرض مخطيء. فمناطق الضفة وشرقي القدس ليست ملكا اسرائيليا والانسحاب منها ليس تنازلا بل هو شرط اساسي لكل اتفاق. ولهذا فان اقتراح ايهود اولمرت ايضا الذي ‘تنازل’ كما قال عن وجود اسرائيلي في غور الاردن وكان مستعداً لاخلاء 70 ألف مستوطن والتمكين من عودة 5 آلاف لاجيء فلسطيني الى اسرائيل، ليس تنازلا بل عرض الممكن في منظومة الضغوط السياسية في اسرائيل. ولم يُستجب لذلك الاقتراح ‘السخي’، يحتج افنيري لأنه لا يجوز أن يكون للفلسطينيين ضغوط سياسية منهم.

اذا أردنا الحكم بحسب كلام بنيامين نتنياهو الذي قال: ‘ليس الصراع على الاراضي أو على المستوطنات وليس على دولة فلسطينية. فقد وافقت الحركة الصهيونية زمن خطة التقسيم على دولة فلسطينية لكن الصراع استمر بسبب المعارضة العنيدة للاعتراف بدولة يهودية’. رأينا سببا ممتازا آخر لعرض الفلسطينيين بصفة رافضين لأنهم لو اعترفوا بأن اسرائيل دولة يهودية كما يرى نتنياهو لاستطاعوا استعادة جميع اراضيهم.

بيد أنه يوجد شرط آخر. ‘لا اعتقد أنه يمكن انهاء مسيرة السلام بصورة ناجحة دون وقف مطلق للتحريض’، يحذر وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينيتس. لكن حينما اقترح الفلسطينيون تجديد عمل اللجنة الثلاثية للتباحث في شأن التحريض، رفض شتاينيتس الفكرة خشية أن تعطي هذه اللجنة الفلسطينيين ذريعة لعدم علاج هذا الشأن.

حسناً، دون تحريض اذاً ومع اعتراف بدولة يهودية، فهل يوجد شيء آخر؟ من المؤكد ذاك: ‘لن نقبل مخطط السلام الذي يقوم على خطوط 1967، ولن نتوسل لتبادل الاراضي ولن نوافق على أن تمر الحدود في الشارع 6 كي نتلقى صواريخ على الشارع 4′، هكذا عرض نفتالي بينيت مخطط الرفض الاسرائيلي. وإن الجمع بين المواقف الثلاثة لنتنياهو وشتاينيتس وبينيت ينتج المعادلة التالية: يجب على الفلسطينيين أن يعترفوا بأن دولة يهودية تحتلهم؛ وعليهم أن يتقبلوا بحب الاحتلال اليهودي وأن يكفوا عن التحريض عليه، وبذلك فقط يستطيعون الحصول على اراض لا تطابق خطوط 1967. إن معادلة كهذه انشأتها حكومات اسرائيل بصورة مُحكمة وفيها يقترن كل شرط ويتعلق بشرط آخر، ترمي الى انتاج رفض فلسطيني. فليس من العجب أن غضب نتنياهو على بينيت غضبا شديدا حينما سار على اشارة نتنياهو الى أنه يمكن ابقاء يهود تحت سيطرة فلسطينية. فنتنياهو كما بين هو نفسه أراد فقط أن يُحدث حيلة دعائية وأن يضع لبنة اخرى في مبنى الرفض الفلسطيني فهدم بينيت قصره الرملي.

من السهل أن تصبح أسير سحر ادعاء الصدّيقية الذي يمنحه رفض محمود عباس ما بقوا يرسمون الرواية المناسبة وينفون الحقائق غير الملائمة. لكن يجوز أن نسأل لاجل التدريب فقط ماذا سيحدث لو عرضت اسرائيل انسحابا من المناطق في مقابل ترتيبات امنية مناسبة واعتراف باسرائيل وعلاقات دبلوماسية كما كان في الاتفاقات النهائية مع مصر والاردن.

 

هآرتس