لسان الكذب طويل في إسرائيل

بقلم: عاموس غلبوع
صناعة الاكاذيب لليسار الراديكالي، في العالم وفي البلاد، تحطم ارقاما قياسية جديدة في كل ما يتعلق بدولة اسرائيل. فلدى اليسار خيال ابداعي غير عادي. فما الذي تقوله عن دولتنا؟ ان دولتنا هي فاشية. بمعنى ان لها عداء متطرف للحركة النسوية، لها حزب جماهيري واحد ذو مزايا عسكرية، لها زعيم، دوتشيه، متوحش وكريزماتي، يلقي الى السجن كل من يتجرأ على ان يقول عنه شيئا غير جميل، وكل وسائل الاعلام تأتمر بامرته، وله ايضا سرايا هجومية خاصة تضرب العمال المضربين باسم الوطنية الاسرائيلية.
على اساس ماذا يقال هذا؟
منظمات الحقوق وأساتذة العدالة الكونية يوفرون ‘حقائق’ لاثبات الادعاء بان الدولة الفاشية هي ايضا دولة ابرتهايد. بمعنى، في دولة اسرائيل، مثلما في جنوب افريقيا السابقة يوجد فصل مطلق بين اليهود والعرب (او بين اليهود من أصل غربي واصل شرقي) محظور للعربي أن يكون في حديقة عامة لليهود؛ محظور للعربي أن يقضي حاجته في مرحاض مخصص لليهود؛ محظور للعربي أن يكون على اي اتصال جنسي مع يهودية؛ محظور للعربي أن يأكل في مطعم اليهود. والويل لمن يفعل امورا كهذه. كيف هذا؟ ماذا يدعم هذا الادعاء؟ لصناعة الاكاذيب توجد حقائق وبروفيسورة واحدة ايضا تقدم اقتباسا من اقوال حاخام يهودي ما في مدرسة نائية. ولكن كل هذا لا يكفي لتشخيص صورة شيطانية لدولة اسرائيل.
فهذ الصناعة تقرر بان الدولة العبرية تعنى ايضا بالارهاب العرقي، أو ‘جيش القمع والاحتلال’ الاسرائيلي جعل مناطق كاملة في الدولة منسجمة، مناطق اليهود وحدهم يمكنهم ان يعيشوا فيها. وقد فعل هذا إما عن طريق طرده بالقوة للفلسطينيين المساكين او فعل هذا ببساطة بالذبح. شيء يشبه ما يجري هذه الايام في سوريا، عندما يطهر علويو نظام الاسد مناطق كاملة من سكانها السُنة. وعندما تقوم إسرائيل بإنصاف مواطنها المتأثر، تصرخ على الفور هذه الصناعة بهدم المنازل (غير القانونية)، وبالنية المبيتة لبناء بلدات يهودية في الجليل. بمعنى، تهويده وطرد عرب الجليل، وبالطبع تمتشق على الفور افكار ليبرمان.
ولكن التطهير العرقي لا يكفي. دولة اسرائيل تنفذ قتل شعب، هكذا بوضوح. وما الدليل؟ هل قتلوا، والعياذ بالله، الشعب الفلسطيني؟ بالتأكيد قتلوا، تقول الصناعة منتجة اكاذيبها، والدليل هو ان اسرائيل قتلت نساء واطفال في حملة ‘رصاص مصبوب’.
وفي هذه الايام بالغت في سخفها بروفيسورة في علم الاجتماع في الجامعة العبرية، في مقال ‘مثقف’ قالت فيه ان دولة اسرائيل تشبه اصحاب العبيد في ذاك العهد في الولايات الجنوبية من الولايات المتحدة، والعبيد هم الفلسطينيون. فهل وقد قلبت ‘الحقائق’ لتثبيت ادعائها الغريب، وبالفعل، كان لنا مثال حي الاسبوع الماضي عندما قال رئيس البرلمان الاوروبي في كنيست اسرائيل انا نميز بشدة بحق الفلسطينيين في توزيع المياه وذكر ارقاما (‘شاب فلسطيني ما قالها له في رام الله’)، لا توجد اي صلة بينها وبين الواقع. مجرد كذب فظ. وكحكم الكذب في موضوع المياه، هكذا عموم ‘الحقائق’ التي تأتي بها. المذهل هو القطيعة المطلقة عن الواقع الذي يتجسد في المقال. لا توجد هناك على الاطلاق سلطة فلسطينية، لا توجد على الاطلاق حماس.
ما الذي يحزن ويخيف حقا؟ ‘للكذب توجد حقا أقدام’، وهو يتغلغل في العالم كالسم. اليسار عندنا ينجر نحو اليسار المتطرف. وبدلا من أن يخرج ضد هذه الأكاذيب، وبدلا من دحضها، يدعي في افضل الاحوال بـ ‘حرية التعبير’ والحق في ‘النقد’. وفي اسوأ الاحوال يؤيدها. الخطير هو انه في الجانب المضاد، ينجر اليمين نحو اليمين المتطرف، الى حد أنه بات يصعب التمييز بين الاثنين في داخل الليكود. والوسط؟ آخذ في الهزال. هذا أمر محزن.