خذوا في الحسبان يهود الجاليات

بقلم: إيزي لبلار
يشارك نشطاء يهود امريكيون في هذه الايام في القدس في ‘مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الرئيسة في الولايات المتحدة’، وهي منظمة عليا فريدة من نوعها. إن اعضاء المنظمة سيوجههم بصورة مباشرة رئيس الوزراء نتنياهو ووزراء كبار في الحكومة. لكن اذا تصرف نتنياهو كالمتوقع منه ولم يدعُ وزراءه الى الالتزام بالنظام فان النشطاء الامريكيين قد تُعرض عليهم رسائل متناقضة وقد يعودون الى الولايات المتحدة أكثر بلبلة منهم لما غادروها.
لم تساعد مواقف نتنياهو ووزرائه دائما في توضيح هذه المسألة الغامضة. فقد بدأ وزير الخارجية ليبرمان وهو الظهير الايمن التقليدي، حملة ‘أنا أحب كيري’ مخالفا مخالفة مطلقة السياسة التي تبناها نتنياهو ووزير الدفاع يعلون. وزعم في اطارها أن الاتفاق الذي تم اقتراحه هو أفضل ما ستحظى به اسرائيل. فاذا كان نتنياهو قد قصد الى تقديم عرض ‘الشرطي الطيب والشرطي الشرير’ بصورة مُحكمة فان ذلك قد حظي بنتيجة عكسية.
إن لذلك آثارا بعيدة المدى في الولايات المتحدة ولا سيما فيما يتعلق بـ ‘اللجنة الامريكية الاسرائيلية للشؤون العامة’ (الايباك)، وهي دُرة تاج يهود الولايات المتحدة التي نالها في الاشهر الاخيرة إضرار بسمعتها. إن الايباك قد أصابت في واقع الامر نجاحا في الحملة الدعائية لتشديد العقوبات على ايران بحصولها على دعم يشمل الحزبين وموافقة من 59 عضوا في مجلس الشيوخ. وينقصها فقط دعم اربعة آخرين كي تُجيز القرار، لكنها انسحبت تحت الضغوط الذي نشأت بعقب الرسائل المتناقضة التي تلقتها. وتأثر الانسحاب ايضا بضغط قوي من الرئيس اوباما الذي بالغ فزعم كذبا أن إجازة عقوبات أشد تعني اعلان حرب.
حظيت الايباك في البداية بتشجيع اسرائيلي على الاستمرار على جهودها. فهل اخطأت الايباك في قراءة الارقام؟ وهل صحيح أن نتنياهو تعوج وطلب الى الايباك أن تنسحب لارضاء اوباما قبل لقائهما في شهر آذار؟ هناك من يزعمون ايضا أن الايباك أصبحت شديدة الوسواس فيما يتعلق بما فوق الحزبين حتى إنها استقر رأيها بعد أن رجع عدد من الديمقراطيين عن التزامهم على الرجوع عن دعمها للمبادرة وتركت عددا من مؤيديها في مجلس النواب للتنهد في حين يتابع الجمهوريون جهودهم في تحدٍ.
لكن مسؤولية كبيرة تلقى ايضا على حكومة اسرائيل. لأنها اذا لم تصغ سياسة واضحة واسعة يستطيع يهود الجاليات من التيار المركزي تبنيها، فان مكانة اسرائيل الدولية ستظل تُسحق وسيخسر الدعم اليهودي شيئا من وضوحه. إن دعم اسرائيل لا يمكن أن يكون قائما فقط على الرفض بل يجب على الحكومة أن تؤسس سياسة واسعة موحِّدة ويجب عليها أن تُجيز من جديد دعمها لحل الدولتين الذي يعبر عن ارادة الاكثرية المطلقة من الاسرائيليين في ألا يسيطروا على العرب. ويجب عليها أن تعلن عن نيتها الحفاظ على الكتل الاستيطانية المركزية كما تم التأكيد في رسالة الرئيس بوش الى رئيس الوزراء شارون. ويجب عليها أن تعلن بصراحة أننا لن نهادن – في جحر العقارب الاقليمي هذا – على حدود قابلة للدفاع عنها أو على الأمن. ويجب علينا أن نطلب أن يعترف جيراننا بسيادتنا باعتبار دولتنا دولة يهودية.
إن مستقبل مستوطنات معزولة نائية أمر مختلف فيه في داخل اسرائيل وفي الجاليات ايضا. وسيتخذ الاسرائيليون قرار هل يُبنى في هذه المناطق أم لا. وينبغي حل الاختلافات في الرأي في الائتلاف الحكومي في اطار المجلس الوزاري المصغر لا في صفحات الصحف في اسرائيل وحسب ولكن في الخارج أيضاً. ويجب أن يحظى النشطاء اليهود الكثيرون في الجاليات الذين يؤيدون الدولة اليهودية المعزولة بالتكريم من الحكومة، فلا ينبغي أن يعاملوا كأنهم دمى يمكن دفعها الى تبني مواقف ما ثم إذلالهم وجعلهم يخسرون الثقة بهم باندفاعات تحرشية واختلافات حكومية.
ستحظى مكانة اسرائيل الدولية بتقوية كبيرة اذا تم وقف طوفان التصريحات الفظة من الوزراء التي تتجاوز سياسة الحكومة.
الساعة تدق ولا تستطيع حكومة اسرائيل الاستمرار على النظر الى تأييد منظمات الجاليات كأنه مفوم من تلقاء نفسه. بل يجب عليها أن تنشيء معها علاقات ثقة وإلا فلن تستطيع الاعتماد عليها في المستقبل. وقد يستطيع الزعماء اليهود الامريكيون في المؤتمر القريب أن ينقلوا هذه الرسالة بصورة أقوى وأكثر مباشرة الى الوزراء الذين سيلتقون معهم.
اسرائيل اليوم