قصة التجسس على القاهرة مفضوحة وهدفها خدمة السيسي

بقلم: سمدار بيري
بقلم: سمدار بيري
هكذا يبدو الجدول الزمني لخمسة وزراء كبار في الحكومة المصرية فور العملية الاجرامية في طابا: وزير الخارجية جلس على الهواتف كي يقدم التعازي لحكومة كوريا الجنوبية.
وزير الداخلية بعث بطواقم معززة الى سيناء، للتحقيق بالقصور الامني، لتكثيف الحواجز وخوض المطاردات (عديمة الامل) للارهابيين. وزير السياحة الغى رحلة هامة الى الاقصر، حيث كان سيدلل وفدا من عملاء السياحة والمراسلين من فرنسا ممن وصلوا للتهدئة بانه ‘يمكن العودة الى مصر’. وزير الصحة يعالج اجراءات نقل القتلى والجرحى. اما من مكتب وزيرة الاعلام فصدر ايضاح جارف بان مصر ترفض العرض الاسرائيلي لادخال الجرحى الى مستشفياتنا، حتى لو كانت حياتهم في خطر. سيارات الاسعاف والاستعدادات في الجانب الاسرائيلي في معبر الحدود في طابا رفعت مستوى الكبرياء الوطني. في الجانب المصري غير مستعدين للتصدي للانتقادات على التعاون العلني والوثيق جدا معنا.
لقد نجح منفذو العملية ضد الباص السياحي في استهداف ثلاثة أهداف: وجهوا صفعة لاجهزة الامن ـ الجيش ـ الاستخبارات، اثاروا توترا على طول الحدود المشتركة وشوشوا الخطة التي وضعت في عدة دول في اوروبا لازالة تحذير السفر الى مصر. فالسياحة هي الطاقة الكامنة للدخل الثاني في أهميته للاقتصاد المصري (بعد عبور السفن في قناة السويس). فما لا يقل عن 3 مليون عائلة ترتزق، حتى سلسلة الثورات في مصر، من الرحلات الجوية، المبيت في الفنادق، الجولات، المطاعم، التنزهات والمشتريات. سائحة أصرت على أن تقضي نهاية الاسبوع الماضي في موقع السياحة في الاقصر تروي لي عن أسعار في الحضيض، عن مطاعم يتيمة وعن عزلة محرجة على سفينة الفالوكا الوحيدة التي تبحر على طول النيل.
الاقتصاد هو الذي سيملي استقرار كرسي الرئيس المصري التالي. حتى الان لم ينزع البزة بعد، لم يعلن بصوته عن تنافسه ولم يكشف عن خططه. ولكن الانتصار الساحق للمشير السيسي يبدو مؤكدا وان كان احدا في مصر لا يعرف كيف يعتزم التصدي للضائقة الاقتصادية، البطالة والفقر، كيف سيجلب المستثمرين وكيف سينجح في اعادة السياح.
في نهاية الاسبوع وقعت علينا رسالة محرجة من القاهرة. فقد ملأت صحيفة ‘الاهرام’ الرسمية اليومية كل الصفحة الاولى عن ‘فضيحة’ قضية تجسس جديدة بنجومية المواطن المصري عبد الباقي حسين و’مسؤوليه’ الاسرائيليين، ‘مئير’ و’شاؤول’ من الموساد. هذه ليست قصة لذيذة، هذه حياكة بدائية لقصص الضحية الذي تجند للموساد عبر الفيسبوك، وارسل للتجسس على حزب الله، وقضى الوقت مع مسؤوليه في نوادي ليلية مشبوهة، واستجدى كي يهودوه. هذا ما يوجد لهم للانشغال به، في المنزل الاكثر احتراما لوسائل الاعلام بينما مصر تغلي؟
لقد حاول اصدقائي المصريون اقناعي ‘بان هذه ترهات في عصير بندورة’. خبراء أكبر يعترفون بصراحة بان النشر يدل على أزمة سلطوية وعلى جهد (بدائي) لخلق اجماع.
ولكن التحليل الذي يقدمه العارفون عندنا مشوقا وابعد اثرا. في المحيط القريب للرئيس المرشح، السيسي، لا يحبون التسريبات عندنا عن التعاون الامني الاستراتيجي بين الدولتين. ورجال السيسي معنيون بالايضاح بان التعاون (الذي لم يسبق له مثيل حتى في عصر مبارك) هو موضوع مؤقت، لغرض عاجل. ولاحقا، مصر السيسي ستحرص على الحفاظ على مسافة.