هكذا تجسستُ على اليهود..

بقلم: الكنا شور
بالنسبة ليهودا (اسم سري) كانت هذه أول ورطة. فالشاب المقدسي، ابن الـ 28، الذي جاء من بيت سوري – صهيوني وأصبح نشيطاً في البؤر الاستيطانية في "المناطق"، لم يعتقل أبدا الى ان شارك قبل خمس سنوات في مظاهرة في البلدة القديمة في القدس ولاول مرة أوقف للتحقيق معه لدى الشرطة.
أثناء التحقيق دخل فجأة الى الغرفة رجل بلباس مدني. وتذكر يهودا فقال: "مسؤول، طويل، عريض".
وأجرى هذا المسؤول حديثا عابرا مع المحقق حديث العهد، وتبادلا أرقام الهواتف. بعد اسبوعين رن خلوي يهودا. "سلاما يا يهودا. هذا ايتمار"، قال الصوت غير المعروف، ودعا يهودا الى لقاء في القدس. وحذره "ايتمار" قائلا: "لا تجلب معك شيئا وتعال وحدك".
بالنسبة لشاب تلميذ في مدرسة دينية لم يسبق له أن خدم في الجيش، كان هذا كافيا. "شعرت بأني عميل سي.اي.ايه. جئت الى مبنى مكتبي مقفر. طرقت الباب، ففتحه ونظر اليّ. كل شيء كان على ما يرام. تصافحنا. قال لي: اسمي ايتمار وانا من وزارة الدفاع، مسؤول عن النظام في البلدة القديمة. أحيانا تكون اعمال اخلال بالنظام وهذا يمكن أن يكون من جانب يهود ومن جانب عرب ايضا. بدأت افهم ماذا يحصل وسألته اذا كان من الدائرة اليهودية في المخابرات. فقال لي: انظر نحن من الدائرة اليهودية ولكننا نعالج غير اليهود ايضا. نحن نعالج الجميع. حاول تلطيف الامر فلهم سمعة سيئة في التلال".
طلب يهودا وقتا. وروى يقول: "كنت أشك وأردت مصلحة الاستيطان". وبعد ثلاثة ايام اتصل ايتمار. "قال لي انظر، الاستيطان جيد وأنا معه، ولكن هؤلاء الشباب يلحقون ضررا هائلا. يحدثون فوضى ويدمرون كل شيء. هناك الكثير من الحاخامين المؤيدين لنا. اقتنعت ووافقت على العمل معهم".
كان تجنيد يهودا مجرد المقدمة لسنتي عمل كعميل للدائرة اليهودية في المخابرات. وبطبيعة الاحوال تركز الدائرة على الاعمال المرتبطة بالحرم، بسكان البؤر الاستيطانية، وبـ "تدفيع الثمن". عشرات السكان في "يهودا" و"السامرة" تلقوا في السنوات الاخيرة عروضا ليكونوا عملاء مخابرات. ويهودا هو واحد منهم فقط.
قلة فقط يتجرؤون على الانكشاف باسمائهم حتى بعد سنوات طويلة. فالعمل كعملاء للمخابرات بالنسبة لهم هو جرح مفتوح. لأول مرة وافق بعضهم على القاء ضوء على عمل الدائرة اليهودية لجهاز الامن: التجنيد، طرق العمل، العمل الميداني والاثار النفسية.
الخدمة الوطنية
في المرحلة الاولى يهتمون بتقديم معلومات اساسية. "في اللقاء الثاني أخرج ايتمار، المسؤول عني، الحاسوب وأراني صورا مختلفة للشباب الذين كانت لديهم مشاكل. أراد أن أشخص له اناسا معينين، أن اعطيه خلفية عنهم، ومعلومات. ليس من قبل "هذا يخطط لكذا وكذا" بل صورة موسعة عن كل واحد، كم هو خطير ومتطرف، واذا كانت له مزايا قيادية، ومن يسير خلفه، من هم اصدقاؤه، اين يتجول، تفاصيل صغيرة جدا. ماذا يعمل في يومه، أين يتواجد. كل تفصيل كان يهمهم.
"ولاحقا أعطاني امرا عمليا لان أرتبط باناس معينين وان أكون الى جانبهم. وفي مراحل لاحقة قال لي ان أتابع نشاطات، كنت على اي حال أذهب اليه واطلعه على ما يحصل فيها. ولمرات عديدة اراد أن اسأل اناسا معينين اسئلة معينة وأن اروي ما أرى وما أسمع. هذه هي مساهمتي للقضاء على الجريمة القوية المتطرفة اليهودية. قال لي ذات مرة: "لم تخدم في الجيش، وهذا سيحسب لك كخدمة وطنية". وكان يطلب من يهودا أن يجري محادثاته من مكان هادئ فقط، والأفضل من البيت، وفي كل الأحوال ليس بشكل يثير الشبهة. "كان يحذرني دوما"، يروي يهودا. "السرية هناك هي من الدرجة الاولى. لا حدود للتحذيرات. يا يهودا هل أنت وحدك؟ هل يسمع احد؟ وذات مرة صرخ علي لاني تحدثت معه من الباص. وقال: لا تفعل هذا ابدا. ابدا. لا اريد أن اسمعك تتحدث معي من الباص. فأنت لا يمكنك ان تعرف من يوجد الى جانبك. الناس هناك شكاكون جدا، وهكذا علمني كل انواع الاساليب. مثلا أن ادعوه في المكالمة الهاتفية بأبي".