حزب الله سيحاول التعرض لمسؤولين اسرائيليين خارج إسرائيل

بقلم: عاموس هرئيل

قد تحاول منظمة حزب الله المس بمسؤولين اسرائيليين كبار ردا على النشاط العسكري المنسوب الى اسرائيل في لبنان.
هذا هو التقدير الذي أخذ يتشكل في اسرائيل ويبدو أن جهاز الامن يستعد له. يبدو الآن أن حزب الله لا ينوي أن يرد على الهجوم على قافلة السلاح في البقاع اللبناني أول أمس الذي أوردت وسائل الاعلام اللبنانية تقارير عنه. ونسبت مواقع في الشبكة العنكبوتية في لبنان الهجوم الى سلاح الجو الاسرائيلي برغم أن اسرائيل وحزب الله ايضا امتنعا عن التطرق الى الهجوم علنا.
تم الحفاظ في هذه المرة ايضا على قواعد اللعب غير الرسمية التي صيغت بين الطرفين في الجبهة الشمالية: ففي اليوم الذي تلا الهجوم في البقاع اللبناني امتنعت اسرائيل وحزب الله عن تطرق صريح للعملية فبقي مجال الانكار على حاله. وأرسل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اشارة ثخينة الى مواطنيه قال فيها ‘سنستمر على فعل كل ما يجب للحفاظ على الامن’، دون أن يتجاوز في واقع الامر سقف تحمل المسؤولية الرسمية عن الهجوم. وأنكرت مصادر في حزب الله انكارا باتا وقوع هجوم ما برغم أن وسائل اعلامية في لبنان أعطت تفاصيل عن مكان الهجوم (بلدتين في البقاع) واستطاعت أن تبلغ ايضا عن هوية قائد ميداني في حزب الله قتل بالقصف الذي وجه في رأيها الى قافلة سلاح.
لم يُفد الى الآن ما الذي كانت تنقله القافلة التي هوجمت في طريقها من سوريا الى قواعد حزب الله. كانت الشحنات المرسلة في الماضي تشمل صواريخ مضادة للطائرات، وصواريخ ارض ـ ارض دقيقة لمدى متوسط وصواريخ ساحل ـ بحر متقدمة ـ وهذه ثلاثة انواع من السلاح أعلنت اسرائيل انها ستعمل في احباط نقلها الى لبنان. ولا يبدو الامكان الثالث منطقيا في الحالة الحالية فالصواريخ البحرية من طراز ‘يحونط’ مخزونة حول ميناء اللاذقية في شمال سوريا الذي قصف من قبل بضع مرات. فلو تمت محاولة اخرى لتهريبها الى لبنان فمن المنطق أن نفرض أن ذلك كان سيحدث في منطقة الطريق الساحلي لا من البقاع الواقع الى الشرق.
إن ما نجح نجاحا جيدا في سوريا خمس مرات أو ست بحسب احصاء وسائل الاعلام الاجنبية في العام الماضي، يفترض أن ينجح في لبنان ايضا: فاسرائيل بحسب الصحف الدولية تتدخل في كل مرة تلاحظ فيها نقل منظومة سلاح متقدمة من سوريا الى حزب الله.
ويفضل الطرف العدو ما لم يوجد اعلان اسرائيلي رسمي أن يتجاهل تماما أو أن يطلق في الأكثر تهديدا بالرد، تعريضا. ولما كان الطرفان يخشى بعضهما بعضا ولا يبحثان عن صدام قد يفضي الى حرب اخرى، فيبدو أنهما يفضلان الانتقال عن الواقعة الى برنامج العمل اليومي والعودة الى شؤونهما؛ فنظام الاسد الى حرب بقائه في سوريا، وحزب الله الى مساعدة الاسد بأمر من ايران؛ واسرائيل الى نظر فيما يجري متنحية جانبا آملة ألا تحتاج الى تدخل أكبر في المذبحة المشتركة الجارية بين المعسكرين الصقرين في سوريا والتي تنتقل احيانا الى لبنان ايضا.
لكن عدم الاستقرار المستمر في الحدود الشمالية يجبي ثمنا من اسرائيل ايضا ـ فالخطر منه يزداد كلما كثرت العمليات العسكرية المنسوبة اليها. وحينما نفحص فحصا عميقا عن ردود الشركاء في المحور الشيعي ـ المتطرف على الاعمال التي اتهموا اسرائيل بها يتبين لنا أنها كانت مختلفة كثيرا. فرئيس سوريا بشار الاسد لم يضبط نفسه بسبب الهجمات في العام الماضي فقط بل بسبب تدمير المنشأة الذرية في شمال شرق الدولة في 2007 واغتيال جنرال سوري كان يعمل في تنسيق العمليات المشتركة مع ايران وحزب الله بعد ذلك بسنة.
وتصرفت ايران وحزب الله تصرفا مختلفا؛ فحينما اتهمت طهران اسرائيل باغتيال عدد من علماء الذرة الايرانيين جاءت سلسلة محاولات تنفيذ عمليات على اهداف اسرائيلية في تايلاند والهند واذربيجان وفي واحدة منها، في دلهي، أصيبت زوجة دبلوماسي اسرائيلي قبل سنتين. وفي تموز 2012 قتل حزب الله بمساعدة ايرانية كما يبدو خمسة سياح اسرائيليين بعملية انتحارية في حافلة في بلغاريا. ووصفت تلك العملية بأنها انتقام لاغتيال مسؤول حزب الله الكبير عماد مغنية بتفجير سيارته في دمشق قبل ذلك باربع سنوات ونصف.
ما زال لحزب الله حساب مفتوح مع اسرائيل بسبب مغنية (يُشك في ان يكون عدد القتلى في بلغاريا قد أرضاه)، وبسبب احداث حرب لبنان الثانية واغتيال مسؤول كبير آخر هو حسن اللقيس في بيروت في العام الماضي ـ وهي عملية اتهمت بها اسرائيل ايضا. ويضاف الى القائمة الطويلة الآن القصف أمس ايضا. إن حسن نصر الله عنده صبر؛ ولذلك قد تُقدم عملية انتقام باردة. ويُقدرون في اسرائيل أن المنظمة تنتظر فرصة عملياتية برغم أنه يُشك في ان تبحث عنها في طول الحدود اللبنانية، فقد يأتي الرد بضرب هدف اسرائيلي في الخارج أو التعرض لشخصية اسرائيلية تُعد رفيعة القدر بقدر كاف لمعادلة حساب مغنية. ويجب أن نفرض على هذه الخلفية أن تصبح حراسة الشخصيات المهمة الاسرائيلية في المستقبل القريب أقوى.
ما زال مثلث الحدود بين سوريا ولبنان واسرائيل حساسا وعصبيا. وما زالت ‘المعركة بين المنظومات’ كما يسميها الجيش الاسرائيلي تجري الآن ايضا بعيدا عن الانتباه العام في البلاد. ولا ينشر إلا القليل جدا من النشاط ويكون مصدره آنذاك ايضا في الأساس وسائل اعلام اجنبية فالابهام يريح اسرائيل؛ فهو يُمكنها من العمل دون أن تقدم كشف حساب مفصلا عن اعمالها وتضاءل بذلك كما يبدو احتمال الانتقام. ويبدو الآن أن هذه السياسة تُدار ادارة جيدة وتحرز نتائج دون أن تتورط في مواجهة عسكرية أكبر. لكن يجدر أن يُتذكر دائما أن كثيرا من الحروب في هذه المنطقة تنشب بصورة غير مخطط لها على إثر حوادث تكتيكية في أساسها.
ألم يكن ذلك هو ما حدث بالضبط بين اسرائيل وحزب الله في تموز 2006؟

هآرتس

حرره: 
م.م