نتنياهو يحاول التشبه ببن غوريون ولكن…

بقلم: أمير أورن

شارون؛ وكان أمس يوم ميلاد اسحق رابين. في محيط ايام السنة الكبير تتجاور ايام ميلاد الـ 12 رئيس وزراء على نحو قد يثير حب الاستطلاع عند الأمهات المحتملات الحائرات في الزمن المناسب للحمل لاجل الاولاد الذين سيولدون. يستطيع خبراء الاحصاء أن يتجادلوا في أنه هل يكفي حجم العينة لاقتراح الوضوح لكن الحقيقة المدهشة هي أن نصف رؤساء الوزراء تقريبا يسكنون قارة 11 يوما في شهر تشرين الاول. فقد ولد موشيه شريت واسحق شمير في اليوم نفسه (15)، وولد في 16 دافيد بن غوريون، وولد بنيامين نتنياهو في 21 منه، وولد اشكول بعد ذلك بأربعة ايام. فهم خمسة رؤساء وزراء في 3 بالمئة من مجموع السنة. فهل تلك صدفة أم رسالة الى آباء طموحين ليركزوا الاخصاب في كانون الثاني؟.

يوجد الى جانب قارة تشرين الاول جزيرتان ايضا وهما نهاية شباط / 1 آذار لشارون رابين و16 آب المشترك بين مناحيم بيغن وشمعون بيرس (في الرواية الاخرى ويبدو أنها المعتمدة عن حياة بيرس الذي يُختلف في يوم ميلاده الدقيق في آب). وعلى مبعدة اسبوعين من القارة تظهر جُزيّرة اهود اولمرت وعلى مسافة مشابهة من شارون رابين جُزيّرة اهود باراك. إنه عالم ذكور. أما الواحدة الوحيدة، أعني غولدا مئير، فهي تسكن وحدها شهر أيار.

كان الانتقال من اشكول الى غولدا كارثة على اسرائيل. فقد أدارة القيادة السياسية (غولدا) والامنية (موشيه ديان) والعسكرية (حاييم بارليف) السياسة بعامة وحرب الاستنزاف التي تم بدئها بأمر من رئيس مصر جمال عبد الناصر في 8 آذار 1969 في قصر نظر فظيع وتشدد مهمِل. وفي اشهر خفوت قوة اشكول أفضت عمليات متسرعة في الميدان الى اضاعة حياة فقد كلفت مبادرات مستقلة من قائد اللواء المدرع 401 في ايلول وتشرين الاول حياة 25 جنديا في واقعتين، كانت عبثا. وعُزل الضابط وأُبهمت القصة واستنتج الجيش الاسرائيلي والحكومة دروسا تكتيكية فقط وهي تثخين غلاف القصف في المواقع وتسميتها باسم أقوى: تحصينات. يجب أن نعود ونقرأ كلاما قاله اشكول في جلسة لجنة الخارجية والامن في الكنيست في 7 حزيران 1967 في ذروة حرب الايام الستة كي نحزن من جديد على موت النهج المعتدل الذي كان يقوده (كان معتدلا لكنه لم يكن ليّنا ضعيفا؛ فقد أحرز لاسرائيل تأييدا سياسيا وموافقة تمهيدية على الامداد بطائرات الفانتوم)؛ ولنحزن على الدم الذي سفك منذ ذلك الحين عبثا قبل حرب يوم الغفران وبعدها فقد قتل في حرب الاستنزاف في سيناء من الاسرائيليين أكثر مما قتل في الجبهة الجنوبية في الايام الستة ولنحزن على المفترقات التي اختارت القيادة حين وصولها اليها أن تتجه الوجهة المخطئة، الى مسار الصدام العسكري.

إن وثائق حرب الاستنزاف والصراع السياسي حولها التي اصبح يكشف عنها في السنوات الاخيرة، تقشر قشرة الدعاية والجهل عما ظن الاسرائيليون أنهم يعرفونه. فقد كان وزير الخارجية الامريكي وليام روجرز يقظا لا معاديا. وقد مثل في مباحثات داخلية في ادارة نكسون موقف اسرائيل تمثيلا جيدا لكنه فرّق كالرؤساء الامريكيين ووزراء الخارجية الامريكيين في الادارات المختلفة منذ خمسة عقود تقريبا، فرّق بين اسرائيل في خطوط وقف اطلاق النار التي التزم الامريكيون بالدفاع عنها، وبين المناطق التي احتلتها ورفضوا أن يناوئوا العرب والسوفييت لاجلها. لا يوجد الآن سوفييت بل يوجد ايرانيون، لكن التفرقة بين لب اسرائيل وقشرتها لم تتغير.

تُلخص سنوات نتنياهو في الحكم الى الآن بصفر زعامي واحد كبير. فهو متعب مسحوق بسبب عدم الفعل، لكنه ما زال اصغر سنا من اشكول حينما وصل الى الحكم. ولم يثبت نتنياهو الى الآن ما هي المادة التي صنع منها وهل يمكن أن يكون وضعه في التسارع صلبا ايضا. إن ادعاءه أنه يقيس نفسه ببن غوريون مضحك حتى البكاء. فيكفي ذلك كي يتواضع وكي يزن أن يكون جاره الآخر في تقويم ايام الميلاد، أعني اشكول.