جيش الأخلاق يقتل الأطفال

بقلم: جدعون ليفي
أطلق أعظم الجيوش اخلاقا صاروخا مضادا للدبابات على بيت سكني كان يختبيء فيه شاب فلسطيني مطلوب. وسحق الجيش الأعظم اخلاقا في العالم بيتا بجرافة. واستعمل أعظم الجيوش اخلاقا في العالم الكلاب للبحث في الأنقاض، واستعمل الجيش الأعظم اخلاقا في العالم الفعل الذي يسميه ‘طنجرة ضغط’ وهو فعل فظيع جدا أوجده لنفسه.
حدث ذلك في يوم الخميس في بير زيت، فقد وصل جنود جيش الاخلاق الى القرية فجرا لاجل ‘عملية اعتقالات’ اخرى يتم مثلها في كل ليلة لا تكادون تسمعون بها. ويشمل ذلك بث الرعب في القرى تحت جنح الليل، ومداهمة بيوت يكون ساكنوها وفيهم الاولاد نائمين، وتفتيشات قاسية واشاعة الدمار. وينتهي ذلك احيانا بالقتل ايضا كما حدث يوم الخميس. ويحدث كل ذلك في وقت اصبح فيه النشاط الارهابي ضئيلا جدا. وتتم هذه العمليات احيانا بصفة حاجة عملياتية حقيقية لكنها تتم ايضا بصفة تدريبات معتادة للحفاظ على استعداد القوات واظهار قوة استعلائية نحو السكان. وقد أوجد الجيش الاسرائيلي بسبب هذا لنفسه، اسما آسرا وهو ‘لبنة تشويش’ وهي الهجوم على مجتمع مدني لاحداث الذعر والخوف وللتشويش على حياته كما كُشف عن ذلك مرة في محكمة عسكرية على يد جمعية ‘يوجد حكم’.
كان الحديث في بير زيت عن ثلاثة شباب من اعضاء الجبهة الشعبية، وهي منظمة ليست نشيطة بصورة مميزة، وإن سارع المراسلون العسكريون ايضا الى الترديد كعادتهم عن الجيش الاسرائيلي أنه كان للثلاثة ‘نية تنفيذ عملية قريبا’ فجيش الاخلاق هو جيش يقرأ النوايا ايضا فاننا نشك أن الحديث كان عن مستحقين للموت. لكن الجيش الاسرائيلي أعدم معتز وشحة الذي رفض أن يسلم نفسه بزعم أنه كانت معه بندقية، وكانت تلك تصفية دون وجود قنبلة متكتكة، وتقبلت اسرائيل هذه القصة ايضا في تثاؤب. هكذا يتصرف الجيش الاعظم اخلاقا في العالم وهكذا يجب عليه أن يتصرف؛ فلا توجد طريقة اخرى لاعتقال شاب سوى تصفيته بصاروخ لاو وهدم بيت عائلته.
إنه عمل شيطاني ـ وفي ذلك اليوم خصوصا نشر رأي استشاري اختصاصي في اخلاقية الجيش الاسرائيلي الحقيقية: فقد نشرت إمنستي العالمية تقريرا قالت فيه إن جنود الجيش الاسرائيلي يظهرون استخفافا واضحا بحياة الانسان، يعبر عنه قتل عشرات المدنيين الفلسطينيين وفيهم اولاد صغار. وتقول المنظمة إن الحديث عن قتل متعمد يبلغ الى أن يكون جرائم حرب. ولم ينجح ذلك ايضا بالطبع في تصديع ايمان الاسرائيليين الحماسي لاخلاقية جيشهم السامية. هل قلنا من قبل: ‘اذهبوا الى سوريا؟’ واوضحت وزارة الخارجية والجيش الاسرائيلي أن إمنستي مصابة بـ ‘عدم فهم مطلق للتحديات العملياتية’. حقا ماذا يفهمون في إمنستي. في نهاية الاسبوع أوقفت العصابة العسكرية التي تحكم ‘ميانمار’ (بورما) عمل منظمة ‘اطباء بلا حدود’ في تلك الدولة لاسباب مشابهة. ولو أنهم استطاعوا في اسرائيل فقط لأوقفوا عمل إمنستي وأشباهها.
لكن المواطن النزيه لا يحتاج الى إمنستي ليعلم. فقد قتل الجيش الاسرائيلي أول أمس فقط امرأة على حدود خان يونس بعد أن نفذ فيها اجراء ‘الابعاد’. إن قتل متظاهرين بالقرب من الجدار الذي يخنق قطاع غزة أمر عادي فماذا يُقدم من التقارير عنه وهو يشبه اطلاق النار على صيادي السمك فيه. ويُردى متظاهرون وراشقو حجارة واولاد وفتيان قتلى في الضفة باطلاق النار عليهم. فقد أطلقت النار قبل شهرين على الولد وجيه الرمحي في الجلزون. ونشرت ‘بتسيلم’ قبل اسبوعين نتائج تشريح جثته: فقد أطلقت النار على ظهره من مسافة نحو من 200 متر. وكان ذلك ايضا مصير الفتى سمير عوض من بدرس وعشرات القتلى الآخرين ممن لم يعرضوا حياة أحد للخطر، وأطلقت النار عليهم فماتوا بيد خفيفة بصورة مخيفة وماتوا عبثا. ولم يُحاكم أحد عن اعمال القتل تلك فما زال ملف عوض الذي أطلقت النار على ظهره من كمين وقد وثقت قتله في حينه، ما زال ملقى منذ اكثر من سنة في النيابة العسكرية ويعلوه الغبار.
وكل ذلك في اعظم الجيوش اخلاقا في العالم. وحاولوا فقط الاعتراض على ذلك؛ وحاولوا فقط أن تزعموا ان الجيش الاسرائيلي يأتي في المكان الثاني في عظم الاخلاق في العالم، لنفرض بعد جيش لوكسمبورغ.