بإمكان الـ "40 صاروخاً" أن تقلب المعادلة

بقلم: اسرائيل هرئيل
"في تقديري"، قال قائد الحرس الثوري، "ردعت اسرائيل حزب الله منذ 2006. وحتى لو أمرناه فانه لن يتجرأ على اطلاق حتى صاروخ واحد من الصواريخ الاستراتيجية التي أمددناه بها. فالرد الاسرائيلي نتاج صدمة حرب لبنان الثانية، قد يمحوه بصفته قوة مقاتلة، ونفقد نحن منظمة مقاتلة ذات تجربة وعظيمة القيمة في ساعة حرب حقيقية. لكن يدي هذا الشيطان الاصغر مكبلتان في مواجهة مجموعات الجهاد في سيناء، فيكفي صاروخ استراتيجي واحد يطلق من هناك على ديمونة لتهبط منزلة اسرائيل الى الحضيض. وماذا تقصف ردا على ذلك؟ هل تقصف مصر؟ وماذا تغزو؟ هل تغزو سيناء؟".
إن سفينة النقل، كلوز سي، أنزلت حمولتها في السودان. وخرجت الى أهدافها شحنات مرسلة صغيرة مُخفاة قطرات قطرات وكان ذلك ثمرة الدروس من هجمات لاذعة اسرائيلية في الماضي.
وفي سيناء وقطاع غزة استقبلها مرشدون من ايران أعدوا البنى التحتية البشرية واللوجستية.
وكان التوجيه واضحا لا لبس فيه وهو أنه لا ينبغي اطلاقها دون أمر صريح من قيادة الحرس الثوري. وقد جاء. وقامت اسرائيل في اطار نضال لا هوادة فيه للمشروع الذري الايراني بعدة عمليات سرية أثبتت فوق كل شك – ولم تؤثر ابتسامات الرئيس ووزير الخارجية الايرانيين حتى في الاوروبيين – أن الايرانيين برغم كل الاتفاقات ينشئون سرا منشآت ذرية جديدة. واقتنع العالم آخر الامر بأن الايرانيين يضللونه.
وفي رد على الضرر الذي أحدثه ذلك الكشف أمر علي خامنئي برد مؤلم لإسرائيل بقدر مشابه. فصدرت الاشارة فأطلق من موقع الشحنات المرسلة الخفي في منطقة ما في مركز سيناء قذيفتان من القذائف الاربعين من طراز إم302 سقطت الاولى في مفاعل ديمونة والاخرى في قاعدة حتسريم. وكانت الاصابتان دقيقتين ومدمرتين، فقتل في حتسريم عدة جنود ونشبت في المفاعل الذري في ديمونة حرائق ضخمة أحدثت خسائر في الأرواح وضررا بالمعدات. ولم يكن من الممكن أن يُهب لاخمادها خشية تسرب اشعاعي. وكان التأثير النفسي عظيما. وأظهرت وسائل الاعلام الدولية شماتة وطلبت أدلة قاطعة – لا مجرد اتهامات – على مسؤولية طهران.
وأصيبت اسرائيل بصدمة شعورية وزادت وسائل الاعلام الاسرائيلية كعادتها في مقدار الحيرة والشعور بالفشل وطلبت قطع أعناق فورا. وفقدت الحكومة الثقة بها والقدرة على تأدية عملها. وأُجرى رئيس الولايات المتحدة لقاء صحافيا مع التلفاز الاسرائيلي وطلب ضبط النفس. وقال لمجرية اللقاء الصحافي إنه حتى لو وجدت أدلة ايرانية فلا ينبغي اشعال العالم بسبب الاضرار الهامشية التي سببها صاروخان.
إن هذا الوصف خيالي، لكن تقدير أن الايرانيين يعملون على هذا النحو ليس ممكنا فقط، بل هو واقعي.
"صفقة عظيمة، 40 صاروخا فقط"، هكذا سُمع أو قُرئ، هذا الاسبوع، كلام اولئك الذين لا يُطرون أبدا. اجل إن التواضع والغموض وضبط النفس تزيد السرية فقط. والسرية تُحدث اهتماما. ويمكن حينها أن تُسمع بلا ضجيج زائد في الخلف – وكان سيصغي صحافيون أكثر وينشرون ما سمعوا – ما هي الأخطار لا على سلامة سكان اسرائيل فقط الكامنة في "40 صاروخا فقط" متقدمة.
برغم الاخطاء التي تمت في مجال العلاقات العامة بقي الجدول الزمني واضحا، فطهران مستمرة في موازاة هجوم ابتساماتها على تسليح واستعمال المنظمات الارهابية. ويستطيع الباحثون عن الاخطاء بين ظهرانينا فقط الذين يصدرون في عملهم عن الجهل – أو الشر – أن يستخفوا ويستهينوا بإنجازات عملية المنع المثيرة هذه.