"قل لي ما هي سيارتك أقل لك من أنت"

بقلم: ماريو غريب

في كلّ مرة أعلق في زحمة السير لا يمكنني إلاّ أن أحدّق بالسيارات العالقة أيضاً من حولي، لأبدأ بتركيب قصص حول شخصيات سائقيها. تمرين يهدر الوقت، ويدفعك إلى السؤال عما إذا كنّا فعلاً نمثلّ صورة السيارة التي نقودها؟ فمن السهل الحكم على الكتب من غلافاتها، الناس عبر ملابسهم والمنتجات الإستهلاكية من شكلها وطريقة عرضها في المتاجر، ولكن كم من مرّة كنا على صواب في الحكم المسبق على الأشياء؟ فما الذي تقوله السيارة عن شخصية مالكها؟

الأكيد أن الصورة تعني الكثير، وهي العنصر الأهمّ في الحكم على الأشياء والأشخاص. ففي أيامنا هذه، يبيعنا الإعلان الصورة المثالية لأصناف قد لا تكون في مضمونها نافعة أو ذات جودة عالية، ما يؤدي إلى شرائها من المستهلك بغض النظر عن مضمونها، فقط لأن صورتها جميلة وترمز إلى موضة جديدة مثلاً. ففي أغلب الأحيان يقوم المستهلك بشراء صنف ما، فقط لأنه من ماركة معروفة غير آبه بمضمونه. فما يهمّه هو مجاراة الموضة.

وبالعودة إلى عالم السيارات، فالمسألة لا تختلف كثيراً. النموذج الأبرز في مجتمعنا اللبناني يظهر جليّاً عبر النظرة التي تكونها بعض النساء عن الرجال، وفق طراز السيارة التي يقودها أو نوعها. فإذا كان يقود سيارة جديدة ذات ثمن باهظ، يصنّف من الأفراد الذين يحبون أن يكونوا حديث الناس ومصدر اهتمامهم، ومن النوع الذي يتمتّع بالتباهي بثروته، وبالتالي مصدر أمان للعديد من النساء. أما إذا كان الرجل يقود سيارة مستعملة فيصنّف أتوماتيكياً من بعض النساء على أنه ليس ثرياً، ولا يصلح لتأسيس عائلة مثلاً. ولكن في الوقت عينه يمكن تحليل شخصية الرجال في الحالتين اللتين ذكرناهما على نحو مختلف. بمعنى آخر، الرجل الذي يقود سيارة جديدة باهظة الثمن لا يعني أنه يحبّ "التفشيخ" و"التجغيل"، بل على العكس تماماً قد يكون اقتناؤه سيارة من هذا النوع بهدف المحافظة على مكانة إجتماعية معيّنة، أو بسبب توليه منصباً مهنياً مهمّاً يفرض عليه قيادة سيارة من هذا النوع. كما أن الرجل الذي يقود سيارة مستعملة، لا يعني أنه غير مقتدر مادياً، إنما أولوياته في مكان آخر، حيث فضّل استثمار ماله عوض دفع مبلغ كبير بهدف شراء سيارة جديدة وغالية. وهذا التفسير يسري أيضاً على الأشخاص الذين يقودون سيارات جديدة متوسطة الحجم ذات الثمن المعقول مثل طرازات الـA و الـC segment.

لكن، لنضع الأفكار المسبقة جانباً ونتطرّق إلى البعض من تفاصيل السيارة، التي إن توافرت فقد تكشف للغير البعض من شخصيتك.

اللون
الرمادي: يرمز إلى الإعتدال، وهو لا أبيض ولا أسود، فيظهر نوعاً من اللامبالاة. ففي كل تفرعات هذا اللون من الداكن إلى الفاتح، فالأفراد الذين يختارونه لسياراتهم هم أشخاص لا يحبون الإلتزامات الطويلة الأمد، كما أنهم لا ينخرطون في علاقات عميقة مع الغير على الصعيدين الشخصي والإجتماعي.

الأسود والأبيض: سنتطرق إليهما معاً لأنهما يمثلان التناقض في شكل متطرّف. ففي حين يرمز اللون الأسود إلى العدم، يأتي الأبيض ليناقضه تماماً وليرمز إلى الحياة. لكن اللونين يرمزان إلى الغموض والمعاني الدفينة. فالأفراد الذين يختارون أحد هذين اللونين هم أشخاص غامضون بعض الشيء، أنيقون ويتركون أثر أينما حلّوا.
الأحمر: يرمز إلى الطاقة، الحيوية، النشاط، الرغبة، والجوع إلى الحبّ. كما يرمز إلى الدمّ، الرجولة ورغبة السيطرة إنه شعلة روح الإنسان. فكل من يختار هذا اللون يعتبر إنساناً محبّاً، نشيطاً، طموحاً، يتمتّع بشخصيّة قوية.

الأصفر: يرمز إلى السعادة، الفرح، الإنفتاح والحرارة. فاللون مريح، هادئ ويخفي رغبة في التغيير. الذين يختارونه لسياراتهم هم أشخاص إجتماعيون، يحبون الكلام، فرحون ويتمتعون بشخصيات متغيّرة، ولديهم أصدقاء كثر ويحبون التغيير.

الأخضر: يرتبط معنى هذا اللون بالطبيعة والنمو. كما يمكن ان يرمز إلى الرغبة في الحصول على وضع صحيّ أفضل ودقة في الكشف والتدقيق في الوقائع. فالأفراد الذي يختارونه هم أشخاص متفائلون، حازمون في مواقفهم، دقيقون في كل عمل يقومون به، يتمتعون بذاكرة قويّة، ثابتون في خياراتهم ويتمتعون بـself-esteem عال جدّاً.

الأزرق: رمز الهدوء والتضامن، إنه لون السماء والمحيطات. يريح الأعصاب ويوفر نوعاً من الراحة. الأفراد الذين يختارونه هم أشخاص مسالمون، هادئون وراضون عن أعمالهم وحياتهم التي تتميّز بدرجة عالية من الإستقرار.

البنفسجي: هو مزيج من الأحمر والأزرق، وبالتالي من الرغبة في السيطرة والهدوء. كما يرمز هذا اللون إلى التضامن، الرغبة، السحر والجاذبية. فاللذين يختارونه هم أشخاص يشعرون بعدم الأمان، ضعفاء، ينظرون إلى العالم وكأنه مكان ساحر وهم بحاجة دائمة إلى الموافقة على كل قرار ينوون اتخاذه.

نظافة السيارة
إن كانت سيارتك متسخة فهذا يعني أنك إنسان غير مسؤول ومستلشق. فالفرد الذي يقود سيارة متسخة هو إما إنسان مشغول كثيراً أو مستلشق. أما بالنسبة للنساء اللواتي يقدن سيارات متسخة فهذا يعني أن الأعمال المنزلية ليست من أولوياتهن بسبب هذا الإستلشاق بالإعتناء بنظافة سياراتهن. فأن لا تهتمّ كفاية بسيارتك فهذا يعني أنك لا تهتمّ بأمور أخرى كثيرة. أما إذا كانت السيارة نظيفة، ولكن بقيت بعض أجزائها متسخة فهذا يعني أن الفرد لا ينتبه إلى التفاصيل، وقد يكون إنساناً سطحيّاً في التعاطي، على عجلة من أمره ولا يتمم مهماته في شكل كامل. أما الذين يقودون سيارة نظيفة بالكامل، فهم من الذين يعملون على تحسين واقعهم في الحياة، وفي بحث دائم عن الأفضل. كما أنهم أشخاص من الصعب إرضاؤهم بسرعة وبأي شيء، لأنّهم يدققون في أصغر التفاصيل ولديهم قيم ومعايير عالية من الصعب بلوغها بسهولة.

حجم السيارة
تعتبر السيارات الصغيرة الحجم عملية وملائمة للتنقل داخل المدن وشوارعها الضيقة، كما أنها سهلة الركن. فالمستهلك الذي يختار هذه الفئة من السيارات يستخدمها عادة يومياً للذهاب إلى العمل، وبالتالي هو يتمتع بحس كبير من البراغماتية. كما أن اقتناء هذا النوع من السيارات يمكن أن يعكس خوفاً من القيادة ومن إزدحام السير. فكلما ما صغر حجم السيارة كانت قيادتها أسهل. أما السيارات المتوسطة الحجم، أي أنها ليست كبيرة ولا صغيرة، فتصلح للمدينة، كما للرحلات البعيدة، فتعكس الطابع العملاني لمالكها الذي يفضّل توافر مزايا عديدة في منتج واحد. السيارات الكبيرة الحجم، تعكس الطابع الفريد، الأنيق والسلطوي لمالكها. فمن يقود هذه الفئة من السيارات هو من الأشخاص الذين يحبّون عائلتهم وقضاء أوقات معها وإبراز هذه المحبة إلى العلن.

تجهيز السيارة
كلما كانت مكملات السيارة قليلة، دلّ ذلك إلى أن مالكها متواضع، حرّ وغير مستعبد من متطلبات الموضة. أو قد يعني هذا أن هذا الشخص لم يطوّر بعد أسلوباً خاصاً به، لذلك يفضلّ إبقاء الأمور بسيطة. أما كلما زادت مكملات السيارة، فذلك يدّل إلى أن مالكها يحبّ التغيير، يتمتع بشخصية قوية ولا تهمّه إنتقادات الغير، كما أنه لا يمكن مناقشته بعكس ما هم مقتنعون به. كما أن اختيار هذا النوع من السيارات يعكس قدرة مالكها على القيام بما يحلو له في حياته.

عناصر عديدة تساعد في التعرّف إلى شخصية مالكي السيارات. ولكن في لبنان قد لاتنطبق كلها، لأنه، وبسبب ارتفاع الكلفة الجمركية على استيراد السيارات، وتدني مستوى المعيشة، أصبح المواطن يختار الثمن أولا وأخيراً. أضف إلى ذلك أن أسطول السيارات المستعملة أصبح بأغلبيته باهظ الثمن أيضاً فصورة أن المستعمل يتوجه إلى ذوي الدخل المحدود أصبح تقريباً من الماضي. وفي لبنان أيضاً "شوفة" الحال تطغى، لذلك نرى ان معظم الناس يقودون سيارات ألمانية فخمة، فقط لأنها تعكس صورة للعزّ والثروة المفترضة مهما كانت حالها الميكانيكية مستعصية.

إذاً ما الذي تقوله سيارتك عنك؟ مع الأخذ في الإعتبار أن قيمة السيارة ليست فقط في ثمنها، لكن في المشاعر التي توقظها فيك وتجذبك نحوها. ففي اختيار سيارة هناك مكانة مهمة لشخصيتك والصورة التي تريد أن تبرزها عنك. إذاً، إنتبه لأن لا تخدع الناس بأوهام لا تمت بصلة إلى من أنت... فأول انطباع يبدأ من نظرة إلى سيارتك.