ندوة اليوم السابع: قصة عشرين عاما

زمن برس- القدس: " ندوة كهذه تستمر لأكثر من إحدى وعشرين سنة، بشكل دوري أسبوعي، ظاهرة لا يوجد مثيل لها في العالم أجمع، ندوتكم مميزة وتستحق كل التقدير"، بهذه الكلمات وصف الكاتب السويدي ورئيس اتحاد أدب الأطفال أولف ستارك ندوة اليوم السابع في زيارته لها.

وقبل أسبوع من إعداد هذا التقارير، قال الروائي الليبي ابراهيم الكوني" هذه الندوة أعظم نشاط أدبي في المنطقة العريية ككل".

إذاً هي ندوة اليوم السابع الثقافية الدورية الأسبوعية، والتي تعقد كل يوم خميس ومنذ العام 1993 في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس، لكن بدايتها الفعلية كانت في آذار 1991، حيث بادر إليها مشرف الندوة الأديب المقدسي أو كما يسميه روادها "الشيخ" جميل السلحوت، الذي طرح الفكرة على الروائية المقدسية ديما السمان، الأديب ابراهيم جوهر، واالكاتب نبيل الجولاني، ومن هنا شكلوا أربعتهم نواة لحراك ثقافي مقدسي.

 

أول ندوة

يحدثنا الشيخ عنها ليؤكد أنها باكورة جلسات الندوة، هي الرحم التي ولدت منه إحدى وعشرون سنة، فكانت الأم الحنون التي أسست لمستقبل واعد لأبنائها، فبدأت على شكل استطلاع ونقاش لمجمل الحركة الثقافية في القدس، جلسة ناقشت للأديبة ديما السمان روايتها " قوافل"، ولعل هذا العنوان كان دون أن يدري أحد رمزاً لقوافل لاحقة أتت وذهبت.

تعتبر ندوة اليوم السابع الندوة الثقافية المُمأسسة الوحيدة على الساحة الفلسطينية بل والعربية كذلك، فهي الندوة اليتيمة المستمرة دون انقطاع، يأتوها ليتحاوروا ويتبادولوا الشأن الثقافي المحلي، العربي والعالمي، وليستقر رأيهم على قراءة كتاب، وليناقشوه في موعد محدد يختارونه، حيث يجري نقاش عام يشارك فيه رواد الندوة من المثقفين والأدباء وهواة الكتابة المقدسيين، ويكتب كل واحد منهم رأيه وملاحظاته فيما قرأ، ليس بهدف القراءة فحسب بل لتعريف القارئ المحلي بما يُكتب، ولتشجيع الحركة النقدية وتفعيلها، ونشرها وتوثيقها في وسائل الاعلام المحلية والعربية وحتى العالمية، فهذا هو نهج الندوة وأحد الأهداف التي ركزت جل اهتمامها عليه على مدى أكثر من عقديين ماضيين ولا تزال.

ليس الكتاب وحده من يحتل مكانة في الندوة بل المسرحيات والأفلام السينمائية الوثائقية، والأمسيات الشعرية، حيث تعرض المسرحيات والأفلام على الندوة قبل عرض الافتتاح، بحيث تتم مناقشة أحداثها مع المخرج والممثلين ويتم إحداث التغيير المطلوب بناء على ملاحظاتهم، وستصدر الندوة قريباً كتاباً تسجيلياً يوثق هذه المناقشات، وفيما يتعلق بالأمسيات الشعرية استضافت إحدى النقاشات الشاعر الكبير سميح القاسم، ومؤخراً تم مناقشة ديوان "نزف التراب" للشاعر الشاب بكر زواهرة.

 

كبار حضروها

هي أميرة المطر، وشاعرة الحرية والتحرير وهي أيضاً كما أطلق عليها الراحل المبدع شاعرنا محود درويش زيتونة فلسطين، هي فدوى طوقان التي لم تبخل على القدس وندوتها الثقافية الحضور أسبوعياً بالرغم من الإغلاقات، وبحسب السلحوت نجد أن فدوى طوقان لم تكن تأتي ليناقش شعرها فهي أرفع من أن تجادل بل تأتي لتعلم وتعطي من خبرتها وتجربتها ما تستطيع، وهنا يصفها بالإنسانة الرقيقة والعظيمة التي لم تبخل على أحد من رواد الندوة بثقافتها.

لم تكن طوقان الوحيدة التي تشارك بالندوة من العمالقة، فقد حضر إلى جانبها الراحل عبد اللطيف عقل، والناقد الدكتور عيسى أبو شمسية، إلى جانب كل من الدكتور محمود العطشان، والدكتور المتوكل طه وغيرهم الكثيرون.

 

أدب الأطفال له نصيب فيها

أكد شيخ الندوة على أن هناك أزمة حقيقية في الكتابة لأدب الأطفال فلسطينياً وعربياً، على الرغم من كون هذا الأدب من أرفع وأسمى آداب الكتابة، لذلك تناولت الندوة عدداً كبيراً من هذه الكتب، ففي إحدى جلساتها ناقشت الندوة مجموعة من كتب عيون أدب الاطفال في الدول الاسكندنافية المترجمة للعربية والتي صدرت عن دار المنى للنشر في ستوكهولم، حيث كان لهذه الدول برنامج يهدف إلى تعريف العالم العربي بكتاباتهم وأدبهم، وقد نوقشت هذه الكتب في ندوتنا، انطلاقاً من احتوائها على قيم وثقافة شعوب مختلفة لا بد من الاطلاع عليها، إلى جانب هدفنا الرامي إلى تجاوز حالة الانغلاق التي تعاني منها الثقافة العربية نظراً لقلة الكتابة والترجمة.

 

صعوبات مضت وأخرى باقية

واحد وعشرون عاماً مضت بالتأكيد لم تخلو فيها الصعوبات والعقبات التي واجهت الندوة، وعنها يقول السلحوت: أول مشكلة واجهتنا كانت عندما أعلنا عن انطلاق الندوة، حيث اتهمنا أحدهم ولأننا نحن المؤسسون للندوة أعضاء هيئة إدارية في اتحاد الكتاب الفلسطينيين، برغبتنا بشق الاتحاد، لكننا نفينا هذا الأمر وأثبتنا بطلان هذا الإدعاء.

عقبة ثانية كبيرة أشار إليها، وهي قضية إغلاق مدينة القدس من قبل سلطات الإحتلال، فالندوة جزء من الثقافة الفلسطينية والعربية، لكن وجودها في القدس المحاصرة شكل ويشكل تحدياً أمامها، فالمدينة بعيدة عن كلها الفلسطيني وواقعها العربي، وقد حرمت الندوة من التفاعل مع إنتاج الكثير من المبدعين الفلسطينيين القاطنين خارج المدينة المقدسة.

كذلك تواجه الندوة غياب التمويل، فالندوة تمول ذاتها، ولا يوجد أي مصدر للتمويل باستثناء أربعة كتب تبرع بطباعتها مؤخراً أحد رجال الأعمال الفلسطينيين، كذلك تعتب الندوة على محرري الزوايا الأدبية في صحفنا المحلية الذين يفضلون نشر أخبار الغرب الأدبية ويمتنعون عن نشر أخبار الندوة، والمشكلة الأكبر أنهم اذا نشروها فتراهم نقلوها عن إحدى المواقع الإلكترونية المعروفة.

وفيما يتعلق بالطباعة والنشر فقد قلل وجود دار الجندي للنشر والتوزيع من هذه المشكلة فهم يتعاونون مع الندوة في هذا الجانب.

 

رعاية المواهب الشابة

لعل أحد أهم أهداف ندوة اليوم السابع هو الأخذ بأيدي المواهب الشابة، حيث يستمع الحضور لإبداعاتهم ويقيمونها ويوجهون أصحابها نحو الرقي الإبداعي، ومن هنا لا بد من الإشارة إلى الملتقى الأدبي الشبابي "دواة على السور" والذي يعتبر أحد إنتاجات الندوة، فهو ملتقى أدبي شبابي تعانقت روح القدس ورامة الجليل لإخراجه، من تأسيس ابنة القدس مروة خالد سيوري، وابنة الرامة نسب أديب حسين.

كاتبتان شابتان، بدأتا بارتياد الندوة منذ أربع سنوات وها هما الآن مواظبتان على حضورها، ومؤسستان للدواة التي تنعقد مرة كل شهر في أماكن مختلفة من المدينة، ليس حباً بالتغيير فقط بل لتوسيع نطاق مشاركة الكتاب والموهوبين من الشباب، ولتعريف أوسع بالملتقى.

ليس هذا فحسب، فقد صدر لنسب مجموعة قصصية بعنوان "مراوغة الجدران، وهاي هي مروة في صدد إصدار ديوانها الاول " قصائد نثرية"، وقد احتفلت الدواة مؤخراً بمرور عام على اطلاقها.

 

من كرمت الندوة وماذا صدر عنها ؟

لم تبخل الندوة وبالرغم من امكانياتها المحدودة جداً على روادها، فنجدها تساندهم وتبقى هي البيت الذي يجمعهم، بيت لم يتوانى عن تكريم مرتاديه ومحبيه ومبدعيه، فكرمت الندوة كلاً من شيخها الكاتب جميل السلحوت وذلك بعد حصوله على شخصية القدس الثقافية للعام 2012، كما كرمت الأديبة ديما السمان والأستاذ ابراهيم جوهر والدكتور وائل أبو عرفة، بالإضافة لتكريمها للكاتبتين الشابتين نسب ومروة.

أما اصداراتها، فهي ستة كتب توثيقية صدرت عن الندوة، هذه الكتب هي يبوس، إيلياء، الحصاد الماتع لندوة اليوم السابع، أدب السجون، قراءات في نماذج لأدب الأطفال، في أدب الطفل، وسيصدر عنها خلال الفترة القريبة القادمة أربعة كتب أخرى.

ـــــــــــــــــ

ه أ . ع ي