رئيس إسرائيل يعمل لصالح فلسطين

بقلم: درور يميني

 

أمس، قبيل لقاء الرئيس الامريكي براك اوباما مع رئيس السلطة أبو مازن، جرت في رام الله مظاهرة تأييد للرئيس الفلسطيني. لم يطالبه احد هناك بتقديم التنازلات؛ لم يطلب منه أحد أن يعود من البيت الابيض مع غصن زيتون؛ لم يطلب منه أحد الاعتراف بدولة يهودية. الضغط كان بالذات في الاتجاه المعاكس: الاصرار على المبادىء الفلسطينية. اذا ما أطاع ابو مازن المتظاهرين وثمة تخوف من أن هذا ما سيحصل فيمكن للمستوطنين أن يكونوا هادئين فهمتهم يقوم بها آخرون.
عندنا لا توجد مظاهرات تأييد لرئيس الوزراء. عندنا توجد معارضة. بل ويوجد لها رئيس خاص بها، شمعون بيرس الذي يبعث بهتافات التشجيع لابو مازن. يمكن للزعيم الفلسطيني أن يواصل خطه الرافض وبالمقابل سيحظى بدعم مزدوج: دعم المعسكر الفلسطيني الذي يدعمه أكثر كلما كان رفضه أكبر، وكذا دعم المعارضة الاسرائيلية، التي هي ايضا، وللعجب، تعمق فقط الدعم له كلما زادت حقنة الرفض لديه.
جميل ان يتطلع المرء الى السلام، ولكن جميل أكثر تشجيع الرفض الفلسطيني. رواد الحلال بدأوا منذ الان يطلقون الانتقاد على الصيغة التي يبلورها وزير الخارجية الامريكي جون كيري، وكذلك لانها برأيهم متحيزة لاسرائيل. ليس هكذا يدفع السلام الى الامام بل هكذا يدفع بعيدا.
ليس ثمة اي حاجة لانتظار صيغة كيري. فقد بات واضحا بانها لن تكون مختلفة كثيرا عن صيغة كلينتون. غير أن ذات الولايات المتحدة، بجملة خبرائها ومستشاريها، ورغم قوتها التي يفترض أن تكون هائلة، تجد صعوبة في أن تقول للفلسطينيين انزلوا عن الشجرة.
لقد سبق أن كنا في هذا الفيلم. مرتين كان على الطاولة اقتراح سلام واحد هم أنفسهم اقترحوه من انتاج بيل كلينتون، والثاني لايهود اولمرت، تبنته الادارة الامريكية. في المرة الاولى وصل ياسر عرفات الى البيت الابيض. وادعى بانه يحتاج الى دعم ولي العهد السعودي والرئيس المصري، وقد دعما الاقتراح بالفعل. اما عرفات فقد خدع الجميع ورفض.
مرت ثماني سنوات، ودعا جورج بوش ابو مازن الى البيت الابيض. وضغط بوش عليه ليوافق على صيغة اولمرت، ولكن ابو مازن، بالضبط مثل سلفه، اصر على الرفض. لا ريب أن رئيس المعارضة، بيرس، محق: ابو مازن هو رجل مبدئي. خسارة فقط أن السلام ليس واحدا من مبادئه. ومن كثرة الاقوال عن ‘الزعيم الاكثر اعتدالا’، على نمط بيرس، يمكن لابو مازن أن يسمح لنفسه بان يكون الزعيم الاكثر رفضا.
حتى الان قالوا عن شمعون بيرس وعن حق بانه ذخر لدولة اسرائيل. فالرجل يمثل اسرائيل مثلما كان الكثيرون يريدون ان يروه: اسرائيل السلام، التسامح، الشرق الاوسط الجديد والازدهار، مع قطارات من القدس الى بغداد، من عسقلان الى القاهرة ومن حيفا الى دمشق. وحتى عندما يهذى الرجل احيانا بحر الصيف، بصفته رجل رؤيا، فقد كان بالفعل ذخرا. غير أن في هذا مشكلة: هذا الذخر يبث محبة ثابتة لابو مازن الذي يرفض الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية، رغم أنه حتى عرفات سبق ان اعترف بها في 1988، وضغينة ثابتة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يقرب من صيغة كلينتون.
هكذا فان بيرس هو ذخر أقل بقليل لاسرائيل وهو ذخر لابو مازن. لبيرس يوجد وزن دولي هائل. وقد كان يفترض أن يمنح ريح اسناد للمرونة، غير أنه يمنح شرعية للرفض.

معاريف