ما الذي يُفرحهم في رام الله؟

يوسي بيلين
حينما عاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى رام الله استقبلته الجموع في فرح ووعدهم بأنه لم يتنازل عن المصلحة الوطنية الفلسطينية. وذكرنا هذا الفرح (وإن كان موجها من أعلى وإن لم تشارك فيه جموع في الحقيقة) بالفرح العظيم الذي استقبل به ياسر عرفات حين عودته من كامب ديفيد في تموز 2000 بعد فشل القمة مع بيل كلينتون واهود باراك.
كتب أكرم هنية، وهو من كبار مسؤولي فتح ومحرر صحيفة ‘الايام’ الذي شارك في كامب ديفيد، كتب انطباعه عن القمة في صحيفته وأصدره في كراسة بعد الفشل الذريع ببضعة اسابيع. ويروي في جملة ما يروي أن عددا من اعضاء الوفد الفلسطيني طلبوا سيارة أجرة للوصول الى مطار ريغان في العاصمة، وفي اثناء السفر تحدثوا باللغة العربية. وقال لهم سائق سيارة الأجرة إنه فخور بهم لأنهم لم يتخلوا عن القدس. وتبين أن الحديث عن مسلم هاجر من باكستان وتابع القمة وفرح لأن الفلسطينيين لم ‘يستسلموا’.
كتب هنية هذا الكلام في فخر كبير وهو يحاول أن يؤكد أن المسلمين في العالم كله لا الفلسطينيين فقط تقبلوا موقفهم الفخور باجلال. قد يكون على حق في أن العالم العربي والعالم الاسلامي كانا فخورين بهم لكن ما صلة ذلك بالفرح؟ هل حقيقة أنه لم يحرز اتفاق على القدس منحت عرفات سلطة ما في شرقي المدينة؟ أولم تكن موافقته على أخذ كل الاحياء العربية من القدس وجعل عاصمته فيها يمكن أن تكون انجازا تاريخيا له ولشعبه. فهو بعدم تخليه خرج بلا شيء.
لا أقول إن عرفات كان يمكن أن يتبنى ما عرضه باراك في كامب ديفيد. فأنا أعتقد أن ذلك العرض برغم أنه كان عرضا مهما اذا قيس بما عرض في الماضي، ما كان الفلسطينيون يستطيعون قبوله، ويصح هذا ايضا على عرض اولمرت على عباس بعد ذلك بثماني سنوات. لكن المسافة كبيرة بين هذا وبين الفرح بأنه لم يتم التخلي عن مقدسات الأمة.
إن طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اعترافا فلسطينيا بدولة يهودية جعل كل مسألة كون اسرائيل دولة يهودية موضوع مختلفا فيه برغم أنه لم تسمع الى الآن اعتراضات على ذلك في الساحة الدولية. ويوجد مكان للاعتراف المتبادل من الطرفين وكان يجب أن يتم ذلك جزءاً من الاتفاق لا أن يصبح طلبا مركزيا جدا في بدايته. لكن كما كانت طريقة اثارة اسرائيل لهذا الموضوع خاطئة كانت المعارضة الفلسطينية لهذا الامر المفهوم من تلقاء نفسه غبية.
اذا فشلت المحادثات حقا فيستطيع معارضو الاتفاق في الجانب الاسرائيلي والجانب الفلسطيني أن يعلوا فوق السطح ويفرحوا، لكن من يعتقد أن التوجه الفلسطيني الى الامم المتحدة وأن تعزيز الحكومة الاسرائيلية للاستيطان سيأتيان أرضنا المروية بالدم والدموع بالسكينة، يخطيء خطأ ذريعا.
اسرائيل اليوم