كيف تلاحق إسرائيل مناهضي الصهيونية؟

القدس المحتلة: كشف تحقيق نشرته صحيفة «هآرتس» عن الطرق والأساليب التي يتبعها اليمين الإسرائيلي في ملاحقة الأكاديميين في إسرائيل والعالم ممن يدعون إلى مقاطعة إسرائيل أو يشنون الحملات عليها.

وأوضح التحقيق في جانبه المتصل بالعالم الأكاديمي الإسرائيلي أن «مرصد الأكاديميا الإسرائيلي» وضع له هدفاً وهو: "الكشف عن أكاديميين إسرائيليين متطرفين يسيئون استغلال الحرية الأكاديمية للعمل من أجل حرمان إسرائيل من حقها في الوجود كدولة يهودية".

وبحسب التحقيق الذي أجراه أوري بلاو فإن «مرصد الأكاديميا الإسرائيلي» أنشئ رسميا في العام 2012 (بالرغم من أنه كان يعمل قبل ذلك بسنوات) على نمط المنظمة اليهودية الأميركية اليمينية المتطرفة المسماة Campus Watch والتي أنشأها البروفيسور دانييل بايبس.

ويضم المرصد الإسرائيلي بين مؤسسيه شخصيات يمينية متطرفة مثل البروفيسور إيلي بولاك والمستشرق مردخاي كيدار. والتهمة الجاهزة لدى المرصد ضد من يشك في ولائهم هي «معاداة الصهيونية».

وبحسب موقع المرصد على شبكة الانترنت فإن «هؤلاء يحملون معهم شحنة معادية للصهيونية إلى غرف التدريس ولا يترددون في تفريغها أمام كل منبر عالمي. وكل ذلك فيما يتلقون رواتبهم من دافع الضريبة».

ويظهر الموقع عرائض معادية لإسرائيل تحمل تواقيع أكاديميين إسرائيليين يراد لفت الأنظار إليهم. ومن بين هذه العرائض مذكرة بعثها أكاديميون قبل ثماني سنوات إلى وزيرة العليم ليمور ليفنات يحتجون فيها على تفريغ «ضباط برتبة مقدم للعمل في المدارس الثانوية، وبهدف تشجيع الحافز لدى التلاميذ لأداء الخدمة العسكرية».

ويوضح هؤلاء الأكاديميون أنه لا مجال لتدخل الجيش في التعليم المدرسي. وحملت العريضة توقيع حوالي أربعين أكاديمياً غالبيتهم من جامعة حيفا، ومن بينهم أكاديميون من حملة جوائز تقدير إسرائيلية رفيعة.

ويرى أكاديميون يساريون أنه من المعيب في إسرائيل أن تنشأ رابطة لا هدف لها سوى ملاحقة الأكاديميين ممن يخالفونهم الرأي ومطاردة «الطابور الخامس». وبقدر ما تطول قائمة الأكاديميين الملاحقين بقدر ما يبدو الخلاف أعمق في هذه الشريحة من النخبة الإسرائيلية.

ومن بين أبرز من يلاحقهم مرصد الأكاديميا الإسرائيلي البروفيسور نيف غوردون (الذي دعا إلى فرض المقاطعة على إسرائيل بهدف إنقاذها) والبروفيسور أورن يفتاحيل (رئيس جمعية «بتسيلم» لحقوق الإنسان). وهناك أيضا بروفيسور القانون إيال غروس الذي حارب الجدار الفاصل وقرار المحكمة العليا بهذا الشأن.

ويعتبر غروس أن الرد على المرصد اليميني يعني إضفاء شرعية عليه ومنحه شراكة في اللعبة. ويوضح أنه يعتبر المرصد «ينتمي إلى ميل أسميه (قتل الرسول)، وهو جزء من محاولة لحرف النقاش عن انتقاد الأفعال الإسرائيلية وانتهاكات حقوق الإنسان التي يحقق فيها الناس أو يتحدثون عنها، إلى نقاش حول المنتقد. وكل ذلك بهدف نزع الشرعية عن مواقف انتقادية وبالتالي محاولة إسكات الانتقادات لسياسة إسرائيل وانتهاكاتها لحقوق الإنسان».

ويلاحظ التحقيق أن محاضر جلسات إدارة المرصد تكتب باللغة الإنكليزية وفي ذلك إشارة واضحة للجهات الممولة وهي منظمات يهودية أميركية وإسرائيلية. وتعترف إدارة المرصد بأن سلطات الضرائب في إسرائيل لا تعترف بهم، الأمر الذي يحرمهم من حق جباية تبرعات تحسم من ضريبة الدخل في إسرائيل.

ويشجع المرصد أكاديميين إسرائيليين على التشهير بزملائهم ممن يعتبرون «معادين للصهيونية» في الجامعات على الصعيدين الطلابي والإداري . وسبق لعدد ممن يدورون حول المرصد مطالبة جامعتي تل أبيب والعبرية في القدس بطرد أكاديميين مناهضين للصهيونية. ويدور الحديث أساساً عن أكاديميين طالبوا نظراءهم في العالم بمقاطعة إسرائيل وفرض حظر أكاديمي عليها. ويرد المعارضون لنهج المرصد بأنه إذا كانت الدولة ترى في ذلك خرقاً لقوانينها فيجب أن تسن قوانين ضد ذلك ولكن لجوء الجامعات إلى الملاحقة أمر غير مطلوب.

ويبين التحقيق في «هآرتس» أن البروفيسور دانييل بايبس الذي أسس منتدى «الشرق الأوسط» و Campus Watchقد ساهم في البداية في نشأة المرصد الإسرائيلي وقدم له تبرعات. ولكن المرصد الإسرائيلي تطرف أكثر مما يريد ويتحمل بايبس، ما قاده إلى قطع علاقاته به. وفي نظره لا يلاحق Campus Watch الأكاديميين ولكنه يقدم ملاحظات حول آرائهم وأعمالهم. وربما بسبب هذا الخلاف نشأت في إسرائيل وبدعم من بايبس منظمة جديدة تحمل «إسرا كامبوس» والتي تهدف إلى الكشف عمن «يستغلون الحريات الأكاديمية لتقويض وجود إسرائيل».

عموماً يحظى مرصد الأكاديميا الإسرائيلي بدعم من «صندوق ميخائيل تشرنوي» التابع لرجل الأعمال اليهودي الروسي ميخائيل تشرنوي المقرب من وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. ويتفاخر الصندوق بأن المرصد يلاحق المحاضرين وما ينشره الباحثون وأن فكرته هي تحذير الطلبة والمتبرعين المحتملين من مساقات دراسية معادية لإسرائيل في الجامعات ومن محاضرين ذوي آراء معادية.

السفير

____

آ ج