الفلسطينيون يكافحون لنيل دولتهم

الفلسطينيون

مؤخرا تنطلق اصوات في اليسار المتطرف الاسرائيلي تدعو الى مقاطعة عالمية على اسرائيل. وقد توصل هؤلاء الاشخاص الى الاستنتاج بان الجمهور الاسرائيلي ليس قادرا على انقاذ الدولة بنفسه. فاليمين يقود بثبات ومثابرة نحو نظام أبرتهايد في بلاد اسرائيل الكاملة، حيث يشكل الفلسطينيون أغلبية متنامية. ويعلق هؤلاء اليساريون على المقاطعة العالمية أملهم الاخير. فهم يؤمنون بان فقط من خلال المقاطعة سيقتنع الجمهور الاسرائيلي بالتخلي عن الاحتلال والصعود الى طريق السلام.

عندما يتوصل مقاتلون شجعان لا يكلون ولا يملون في سبيل السلام الى مثل هذا الاستنتاج، فهذا دليل على أن الوضع يبعث حقا على اليأس. فمؤيدو المقاطعة يئسوا من اليسار، ولا سيما من احتمال أن ينجح اليسار في أي وقت من الاوقات في الانتعاش فيستعيد لنفسه الحكم في الدولة. يئسوا من الجمهور الاسرائيلي كله، ومن قدرته على العودة الى سواء العقل. وعليه، فانهم يعلقون كل الأمل بقوة أجنبية تنقذنا.

تتشكل هذه القوة الاجنبية من محبي السلام في كل العالم ممن سيتجمعون ليفرضوا علينا المقاطعة. ليس فقط المقاطعة على المستوطنات (التي أعلن عنها رجال اكتلة السلامب منذ 1998)، بل المقاطعة على دولة إسرائيل وعلى كل مؤسساتها. هذه المقاطعة موجودة منذ الان وتنال الزخم في العالم، ومؤيدوها يأملون بان تصل الى حجوم تجعل كل مواطن في اسرائيل يشعر بنتائجها.

يقول مؤيدو المقاطعة، وعن حق، ان كل مواطني اسرائيل اليهود شركاء بشكل مباشر أو غير مباشر في الاحتلال والقمع، وهذا يضمنا نحن أيضا، المقاتلين ضد الاحتلال. فضرائبنا تمول المستوطنات. شبابنا يملأ صفوف جيش الاحتلال. كلنا نشارك في الانتخابات، وحتى عندما نصوت للاحزاب التي تعارض الاحتلال، فان الانتخابات تمنح الشرعية لحكومة الاحتلال. كلنا نتمتع بهذا الشكل أو ذاك بثمار الاحتلال (مثلا بحقيقة أن السوق الفلسطينية الاسيرة تضطر الى ان تشتري منتجات صناعتنا ومن حقيقة ان الفلسطينيين لا يمكنهم ان يصدروا البضائع التي تنافس تصديرنا.)

أتفق مع هذه الفرضيات، ولكن ليس مع استنتاجاتها. لا اؤمن بان قوة أجنبية – مهما كانت ذ ستنقذنا من أنفسنا. نحن فقط يمكننا أن نفعل هذا. عندما أكتب هذه السطور، ترن في رأسي كلمات االنشيد الاممي’، النشيد الرائع الذي كتبه مقاتل فرنسي فور انهيار كومونة باريس في العام 1871 (وبترجمة أبراهام شلونسكي): الا سيد ومنقذ/، لا ملك، لا بطل!/ بذراع مرفوعة سنخترق/ نحن الطريق الى النور!’.

هناك من يأتي بمثال جنوب افريقيا كدليل على قوة المقاطعة الدولية على اسقاط نظام قمعي. ومع أنه لا ريب بان المقاطعة ساهمت مساهمة هامة في كفاح السود هناك، ولكن هذه كانت بالاساس مساهمة أخلاقية. الكفاح الاساس حسمه الجنوب افريقيون أنفسهم، السود وحلفاؤهم البيض. فقد ثاروا، تظاهروا بجموعهم، قتلوا، عذبوا، بل واستخدموا الارهاب (نعم، نلسون مانديلا ايضا). الاضرابات الجماعية التي خاضوها هي التي كسرت ظهر الاقتصاد الابيض.

القوة الاجنبية يمكنها أن تساعد الشعب الذي يقاتل ضد الابرتهايد، ولكنها لا يمكنها أن تأتي محل كفاح الشعب نفسه.

صحيح، عند استعراض الوضع في اسرائيل يمكن بسهولة للمرء أن ييأس. فالكنيست يتملكها الشبح القومي ذ الديني. معسكر السلام تحطم الى شظايا بعد أن أن قال ايهود باراك ان الا شريك لنا للسلامب. الجمعيات الكثيرة التي تقاتل بشجاعة ضد الاحتلال غير قادر على ان تتحد في قوة سياسية. ورجال الاحتجاج الاجتماعي الكبير هم ايضا خافوا من أن يتهموهم بمقاومة الاحتلال. ومجرد كلمة االسلامب اصبحت كلمة نكراء، وحتى في اليسار لا يتحدثون الا عن اتسوية سياسية’.

يمكن النظر يمينا ويسارا، الى الاعلى والى الاسفل، فلا نجد الخلاص. في هذه اللحظة لا يبدو في المحيط شخصا قادرا على أن يجند الجماهير في الكفاح من أجل السلام والعدل الاجتماعي.

الوضع يبدو باعثا على اليأس، ولكن محظور ان يؤدي الى اليأس. بل العكس. عليه أن يشجعنا على العمل، تجنيد قوى جديدة، اقامة يسار جدي، شاب وحديث العهد.

لسيرتي الذاتي، التي صدرت هذا الشهر، أطلقت اسم امتفائلب (يديعوت للكتب). التفاؤل هو قوة ابداعية، محفزة، مجندة، وهي تقوم على أساس الايمان بانفسنا، بقدرتنا على انقاذ الدولة قبل أن يفوت الاوان. اؤمن بان وضع الطوارىء الوطني سيولد، مع قدوم اليوم، حملة الخلاص.

مبارك كل اجنبي يأتي لمساعدتنا، ولكن واجب انقاذ الدولة ملقى علينا، وبالاساس على الجيل الشاب.

الرئيس فرانكلين دلانو روزفيلد قال كما هو معروف: اليس لنا ما نخاف غير الخوف نفسه!ب. وأنا أسمح لنفسي بان اضيف: اليس لنا ممَ نيأس منه بل من اليأس نفسه!’.

أوري أفنيري

هآرتس