بدائل حل ‘الدولتين’

بقلم: سيفر بلوتسكر 

مع فشل المحادثات الاسرائيلية – الفلسطينية الأمريكية عدد وزير الخارجية جون كيري بديلين مخيفين لمستقبل اسرائيل دون تسوية: إما أن تقوم بين النهر والبحر دولة واحدة ثنائية القومية، أو أن تكون اسرائيل دولة أبرتهايد. والبديلان لا يستنفدان مدى الامكانيات. فثمة مثلا الخيار في أن تقوم بالفعل دولة ثنائية القومية مع نظام أبرتهايد ولكن اليهود التعبين، المتناقصين والمحبطين من انتهاء الحلم الصهيوني سيوجدون فيها في الطرف الاخر من نظام الابرتهايد. هم سيكونون الضحية وليس السيد.
بديل آخر هو استمرار الوضع القائم: حكم عسكري لحماس في غزة، حكم ذاتي بلا سيادة، يقوم على أساس تمويل ومساعدة دوليين لفتح في قسم من الضفة الغربية، اسكان سريع ليهودا والسامرة بالمستوطنين اليهود، هجرة هادئة للفلسطينيين المسيحيين من هناك، عمليات، تنديدات بالاحتلال الاسرائيلي ومحاولات اعادة اشعال النار المنطفئة للمفاوضات.
يوجد أيضا بديل يحظر ذكره رغم منطقه التاريخي: عودة الاردن كصاحب السيادة الى مناطق الضفة الغربية وأجزاء من القدس الشرقية، وتحول المملكة الاردنية الى دولة اردنية فلسطينية ديمقراطية. المفاوضات معها على اعادة الاراضي وتبادل الاراضي والاعتراف بها كبلاد الفلسطينيين. وطنهم القومي. منذ اليوم الفلسطينيون هم الاغلبية في الاردن.
على جدول الاعمال توجد ايضا أعمال احادية الجانب مثل التوجه الفلسطيني المتجدد لقبولهم في الامم المتحدة أو ضم اسرائيل بعض المناطق وفك الارتباط عن مناطق أخرى.
الاقل جذبا لطرفي النزاع هو بالذات البديل الذي تصر عليه الدبلوماسية الدولية، والمعروف بلقب ‘الدولتين للشعبين’ (‘دولتان قوميتان’ بالتفسير الاسرائيلي). وهو يوصف بتفصيل شديد في الصيغة التي رسمها الرئيس بيل كلينتون في الشهر الاخير لولايته. من ناحية فلسطينية معناه اقامة دولة صغيرة مبتورة وممزقة، ذات سيادة محدودة، محوطة بالاعداء ومعلقة الى الاجيال بمساعدة اقتصادية خارجية. ليس حلما يتحقق.

من ناحية اسرائيلية معنى حل ‘الدولتين’ هو اخلاء بالقوة لنحو 80 حتى 100 الف مستوطن (وغلاء اضافي للسكن في البلاد)، شرخ في الشعب، اعادة تقسيم القدس، حدود متلوية في الشرق وتهديد قومي ينشأ مع انتقل مئات الاف اللاجئين من الدول العربية الى فلسطين الجديدة، المكتظة وعديمة المقدرات. ليس سلاما يتجسد.
وجود بدائل عديدة ومختلفة يسمح للسياسيين الاسرائيليين، الفلسطينيين وغيرهم الامتناع عما يسمى باللغة المغسولة ‘قرارات صعبة’ وتقبل هذه بشكل عام عندما تنفد كل الامور الاخرى، عندما تنسد كل الخيارات ولا تكون هناك طرق للفرار. صحيح للعام 2014، لا تزال هناك العديد من طرق الفرار. أو هكذا على الاقل يخيل للجميع. هذا هو السبب الحقيقي الذي من أجله تصل المحادثات الاسرائيلية الفلسطينية على التسوية الدائمة المرة تلو الاخرى الى الطريق المسدود.

الاغلبية في الجمهور اليهودي والاغلبية في الجمهور الفلسطيني واثقون من أنهم سيتمكنون من أن يختاروا من طيف الحلول شيئا ما آخر غير ‘الدولتين للشعبين’. مثلما في المطعم: من هو الغبي الذي سيختار وجبة لا تروق له طالما توجد في اللائحة وجبات اخرى، ألذ؟ فقط عندما تتقلص اللائحة الى وجبهة واحدة عسيرة الهضم والخيار هو بينها وبين الجوع، معقول الافتراض بانه سيتم اختيار وجبة. هذا الوضع، كما يخيل لي، لا يزال بعيدا. بعيدا جدا.

فهل، بالتالي، لم يحن الوقت ومتى سيحين الوقت لان يستيقظ اليسار السياسي الاسرائيلي من نومه ومن أوهامه ويبدأ بالتفكير بجدية في البدائل الاخرى غير التمسك بـ ‘الدولتين للشعبين’؟ إذ في الوقت الذي نمنا فيه (أي انشغلنا بالكوتج)، تطرفت حركة الاستيطان اليهودي ونجحت في أن تسكن في المناطق عشرات الاف الشقق الاضافية. السكان الفلسطينيون تطرفوا هم ايضا ونجحوا في أن ينشئوا جيلا جديدا من الشبان المتعلمين، النشطاء والمعارضين بشدة لصيغة كلينتون.
الخيار النظري لـ ‘دولتين للشعبين’ ابتعد مسافة حرجة اخرى عن الواقع. الان قيمته صفرية: ليس عليه طلب وليس له توقع بالتحقق.سيفر بلوتسكر

حرره: 
م.م