تعلم من فرانسيس يا نتنياهو

فرانسيس

بقلم: سافي هندلر

حينما يُفتح اليوم (أمس) باب المروحية التي ستأتي بالبابا الى مطار بن غوريون ومن هناك الى جبل المشارف، سيخرج منه شخص بسام في عباءة بيضاء بسيطة أصبحت رمز تعريف البابا فرانسيس: وهو رداء بلا وشي يكاد ينسي حقيقة أن مرتديه أكبر أبناء الكنيسة الكاثوليكية. وأنه الشخص الذي يؤمن أكثر من مليار انسان بأنه حل محل يسوع على الارض.
إن هذه البساطة تناقض مناقضة شديدة مئات السنين من الفخفخة. ويعرف كل من زار الفاتيكان الشعور المدير للرأس للأبهة التي تظهر من كل حائط وتزين كل بلاط. وعد المسيح الفقراء بالجنة لكن رجال الدين الذين يعظون باسمه في روما حرصوا مدة أجيال على غنى ظاهر يغطي العيون احيانا كثيرة. والآن جاء فرانسيس، الأب المقدس في العباءة البسيطة وفعل ما لا يُصدق، فقد أعاد التواضع الى الفاتيكان.
فعل ذلك بالضبط بحسب المقولة التي ينسبها الانجيل الى المسيح وأزال العصا من عين الباباوية. وفضلا عن اللباس كان العمل الاكثر رمزية الذي عمله هو استقرار رأيه على النزول في بيت الضيافة المتواضع لسانتا مارثا في الفاتيكان.
حينما وصل الكاهن الارجنتيني الى روما بصفة كردينال عادي للمشاركة في هيئة انتخاب وريث البابا التارك عمله بنديكت السادس عشر، حصل على الشقة رقم 201 في هذا الفندق المتواضع. وحينما خرج فرانسيس من الغرفة السيستينية في آذار من العام الماضي بصفة بابا أعلن بما أدهش الجميع، بأنه سيستمر على السكن في الغرفتين المتواضعتين.
فقد تخلى عن الشقة الفخمة في القصر الأبوستولي من اجل 70 متر مربع مع سرير خشبي ومصابيح فوسفورية (نيون).
إن هذه البادرة أكثر من رمزية. فقد أخذ البابا الحالي لنفسه الاسم المقدس الاكثر شعبية في ايطاليا، وهو سان فرانشيسكو ماسيجي، الذي جعل محاربة الفقر في القرن الثالث عشر هو جملته الصليبية الخاصة. ومنذ أن انتخب فرانسيس بابا كانت تصدر عنه اقوال واضحة تتناول أخطار التوزيع غير العادل للثروة. وهذا كلام لا يؤذي آذان اثرياء ايطاليا والعالم فقط بل يصعب على الجميع حتى في الداخل أن يستدخلوا هذه الرسالة في انفسهم. فقد رمم الكردينال برتوني الذي كان وزير الخارجية تحت ولاية البابا السابق، رمم لنفسه مؤخرا شقة ماحتها 700 متر مربع في الفاتيكان.
وتقول التقارير في وسائل الاعلام الايطالية إن فرانسيس إحمر غضبا مقدسا حينما عرف بذلك.
إن زيارة البابا للارض المقدسة هي قبل كل شيء رحلة حج. لكن فرانسيس مثل اسلافه يحمل في حقيبة حجه محمولات اخرى. يصعب على اليهود بل يكاد يكون غير ممكن، لاسباب معلومة، أن يستمعوا بصورة متحررة من الآراء السابقة الى الرسالة الانجيلية التي يحملها. ويصعب على اسرائيليين كثيرين أن يستمعوا ايضا للرسالة السياسية عن الحاجة الى انهاء الاحتلال، سواء صدرت عن البابا أم عن جون كيري أم عن عاموس عوز.
لكن يحسن الانصات انصاتا شديدا لبشرى التواضع التي يجيء بها البابا الى بلد الالفية العليا. طلب فرانسيس الذي سيمتنع عن استعمال سيارة مراسم مدرعة، طلب الاكتفاء بوجبات بسيطة حتى دون تقديمها على مائدة – وهذه قرارات عجيبة في بلد يحصل فيها كل وزير أو جنرال على سيارة وظيفية ويخصص للزعيم الباهظ الكلفة ميزانية خاصة للبوظة. لكن من يعلم، ربما مع كل ذلك يستمعون هنا لفرانسيس. لأنه اذا استطاع البابا أن يتخلى عن القصر والعباءة الارجوانية فربما يستطيع رئيس وزراء دولة اليهود ايضا أن يتخلى عن منزل وطائرة بمليار شيكل.