العرض الفلسطيني على فرانسيس

البابا

رؤوبين باركو

ليقل الفلسطينيون ما قالوا. فان لقاءات البابا فرانسيس مع رئيس اسرائيل ورئيس الوزراء الاسرائيلي تعبير فعلي عن اعتراف الفاتيكان بالقدس عاصمة لاسرائيل. ففي لقاء الحاج الأول مع أبو مازن في بيت لحم يقبل البابا برجليه اعترافا بتقسيم الاماكن المقدسة للمسيحيين في الارض المقدسة بين اسرائيل والفلسطينيين.
تمت رحلة البابا في وقت شديد على المسيحيين في المنطقة. فالطوائف المسيحية كما تعلمون على اختلاف تياراتها يضطهدها المسلمون اضطهادا قاسيا على خلفية الربيع العربي. ولم ينس ناس الفاتيكان ايضا كيف تحصن الارهابيون الفلسطينيون في كنيسة المهد، وأضروا بها وقضوا حاجاتهم فيها. إن أكثر الطائفة المسيحية في بيت لحم هربت الى الغرب، لكن اعمال الاغتصاب والتنكيل من شباب مدينة الخليل ولا سيما افعال أبناء قبيلة التعامرة ببنات المسيحيين في مراسم أعيادهن في بيت لحم، لم تُنس. ولن ينسى المسيحيون ايضا «خيانة» اسرائيل التي انسحبت من المدينة بعد مسيرة السلام وتخلت عنهم.
يحاول البابا باتصالاته بالفلسطينيين أن يقلد المعجزة الكبيرة التي حدثت للمسيح في بحيرة طبرية. ففرانسيس يحاول أن يسير فوق أمواج كراهية المسيحيين (واليهود) في المنطقة الموبوءة بالتطرف الاسرائيلي، دون أن يغرق. وهو يعلم أن اليهود (وفيهم اولئك الذين يحاربون الآن من اجل قبر داود) ليسوا خطيرين، لكن الاسلاميين والفلسطينيين يقتضون حذرا زائدا، وهذا أمر ثابت.
بموازاة زيارة البابا يجهد الفلسطينيون ليُبينوا أن اسرائيل لا تُمكّن أبناء الديانات المختلفة في القدس من حرية العبادة، ومن اجل ذلك يستعمل الفلسطينيون «الجزيرة» التي تخدم بما تبثه الاخوان المسلمين خاصة.
فتحت عنوان «الحج المحرم» يعرض الفلسطينيون مقاطع مصورة لمواجهات واخلال بالنظام في مسجدي جبل الهيكل (اللذين يرمي شباب مسلمون منهما حجارة الى باحة حائط المبكى)، واحتفالات مسيحية (يشوش فيها فلسطينيون على مراسم العيد) بغرض عرض الشرطة الاسرائيلية التي تعمل على مواجهتهم مثل زعران يمنعون المسيحيين عمدا من حرية العبادة.
لم تكن القدس قط أكثر انفتاحا لصلاة الحجاج من جميع أنحاء العالم. وتبرز على خلفية كارثة المسيحيين في منطقتنا حقيقة أن القدس خاصة تُصرف امورها بصورة طبيعية برغم تحرشات متطرفين اسلاميين يعملون من قبل حماس أو منظمات فلسطينية اخرى.
إن حرية العبادة والأمن في القدس قذى في عيون الفلسطينيين الذين يعملون على الاخلال بالنظام للمس بالشرعية الاسرائيلية في المدينة. وبجهد يائس يضيف دعائيوهم بمزاعم جاهلة بعداً أكل الدهر عليه وشرب لنضالهم للشرعية الاسرائيلية. فالفلسطينيون يزعمون مع زعمهم الاحمق أنهم من نسل الكنعانيين (أو اليبوسيين – ويتعلق ذلك بمن تسأل) أن اليهود في اسرائيل ليسوا بني اسرائيل الحقيقيين ورثة البلاد، وينقضون بذلك كلام الأنبياء (ومنهم محمد.)
قبيل لقاء البابا مع المفتي حسين في المسجد الاقصى، قويت الدعاية الفلسطينية التي ترمي الى سرقة هوية اليهود. ويقتصر الجهد على إنكار مكان هيكل اليهود في جبل الهيكل الذي هو حقيقة دينية وتاريخية مقبولة في الاديان جميعا (ومنها الاسلام). بل تبنى قادتهم مريم «الفلسطينية» وابنها يسوع الناصري بصفته «المسيح الفلسطيني» و»الشهيد» الفلسطيني الأول. وبذلك يُفسد الفلسطينيون بوطأة قدم قاسية الرواية المسيحية ويعرضونها على أنها كاذبة. يعلم كل مسيحي برغم معاداة السامية أن يسوع اليهودي عمل في اسرائيل وفي الهيكل الذي في القدس قبل الاسلام بـ 600 سنة. وينكر الفلسطينيون، بموهبتهم وجود الهيكل الذي قلب فيه يسوع منصات الفاسدين، لكنهم ينجحون في جعل المسيح «فلسطينيا». برافو.
سيسمع فرانسيس في اثناء تناوله الطعام مع المفتي كيف أصبح يسوع الشهيد الفلسطيني الاول الذي قتله اليهود. وإن تحويل المسيح الذي هو «رجل السلام ومدير الخد الثاني» الى أيقونة عنيفة لشهيد وارهابي فلسطيني يقتل أبرياء، هو بصقة في وجه المسيحية (التي برأتنا من قتله). وهذا ايضا جهل اسلامي لأن القرآن يقول إن المسيح لم يُقتل بل بقي حياً؛ «ولكن شُبه لهم» (سورة النساء، الآية 157.