زيارة البابا الطيبة والبائسة والحزينة

بقلم: نيفا لنير
إنقسمت زيارة البابا فرنسيس للارض المقدسة وعاصمتها «التي وُحدت الى أبد الآبدين»، كما قال الجميع معا، مثل كل عملية للجيش الاسرائيلي الى ثلاثة أقسام: الطيب والبائس والحزين. ولنبدأ بالجزء الطيب وهو الدّعة. وقد مر يومان بلا انتخابات رئاسية، أفليس ذلك حسنٌ؟ أولم يطب لكم إسكان محركات مجموعة آبا (الكين – بينيت – اريئيل) وسكوت عضو الكنيست أوريت ستروك لحظة واحدة؟ واذا أردنا تتبع الامور الصغيرة ايضا قلنا ألم تكن بشرى التواضع بحسب رؤية فرنسيس حسنة؟.
جهدت وسائل الاعلام وحفرت في بحث أمر جهده – مسكنه وعباءته غير الموشاة بخيوط الذهب، وخاتمه المموه بالفضة وسيارته القديمة («فهل كنت تقبل شراء هذه السيارة حتى من البابا؟»). لكن الشيء الاساسي كان ما لا يوجد للبابا، فلا توجد له طائرة (الفاتيكان رقم 1)، وفي الطائرة التي ليست له لا يوجد سرير للراحة والنوم في الليل، ولا يوجد حمام ايضا في الطائرة غير الموجودة. حسنٌ، ولا توجد له امرأة تُحفظ بالصوف الصخري، وهو ينزل درج الطائرة ويصعد فيه غير ممسك بيد الزوجة غير الموجودة، ولا حاجة ايضا لأن يُعد للزوجة غير الموجودة مسارا خاصا لزيارتها للقدس. لكن هذه قضية لاهوتية لا حل لها ستُبحث على حدة.
لكن من بين كل صور زهده استرعت الانتباه صورة سيره على البساط الاحمر الى الطائرة ممسكا بيد حقيبة جلد بالية تقريبا، إنحنت قامته لثقل وزنها. وهكذا ودعنا دون مساعد أو حمال أمتعة يعفيه من واجب حملها، وهو ما يؤدي بنا الى الجزء الثاني من رحلته وهو جزؤها البائس. وهو أن مسار الزيارة اشتمل على الحائط الغربي وجبل هرتسل و»يد واسم». حسنٌ أليس ذلك ضروريا؟ لكن ذلك جعله يحظى بطلعات عجيبة لدراسة اليهودية والتاريخ والارهاب.
تعلمون أن بنيامين نتنياهو لا يضيع فرصة. واذا كان براك اوباما قد حظي بأن علمه فصلا فهل يفلت البابا من ذلك؟ وهكذا حظي فرنسيس بدرس من المعلم نتنياهو في مسألة «هذا ما يُفعل بشخص يعطف على الفلسطينيين». ومن المؤسف جدا أن نتنياهو لم يكن وحده فقد خطب ثلاثة حاخامين في حضرة البابا – الحاخامان الرئيسان وحاخام حائط المبكى – ولم يضبطوا هم ايضا أنفسهم. أما أحد الثلاثة فلا يعرف العد ولغته غير فصيحة. ويبدو أن الثاني مقطوع عما يجري، وأما الثالث الذي اجتهد في تجنيد البابا لخدمة الدعاية الاسرائيلية سيُتذكر سخف حاله. ويحسن ألا نكرر كلامه بل أن ننبه فقط الى أن حاخاما واحدا أفضل من اثنين لاحداث إحراج.
وماذا ايضا؟ آه. السلام. إن قول فرنسيس إن «حل الدولتين يجب أن يصبح واقعا وألا يبقى حلما»، وصلاة السلام التي سيؤديها البابا والرئيس بيرس والرئيس عباس في الفاتيكان برهان آخر على أن مسيرة السلام تحتاج الى رحمة السماء. إن الصلاة في الفاتيكان ستكون في 6 حزيران بحسب أنباء أولية. ويا له من موعد! إنه يوم الـ «د داي» واليوم الاول من ايام حرب لبنان الاولى، وسيصبح منذ الآن يوم «صلاة السلام» وسيكون هدية وداع لشمعون بيرس لرئاسته.
يؤسفني لكن يبدو أنها ستكون صلاة دفن للسلام. لماذا؟ إن الجواب هو في سؤال البابا «كيف أيها الانسان؟». لا في سؤال من يريد السلام بل في سؤال من يصنع السلام. أهو نتنياهو؟ لكن الاخبار تقول إن «الحكومة بدأت تقدم سرا جزءً من توصيات لجنة ليفي وستجعل من الصعب على الفلسطينيين إبعاد المستوطنين عن ارضهم» («هآرتس» 27/5). فلماذا اذا بعد أن يعترف الفلسطينيون بأن اسرائيل دولة اليهود لا نطلب اليهم بأن يعترفوا بفلسطين اليهودية.
هآرتس