صباح الخير نتنياهو

بقلم: نوعام شيزاف
في الاسبوع الماضي أجرى جيفري غولدبرغ من بلومبرغ مقابلة مع رئيس الوزراء نتنياهو. سؤال جيد لماذا يمنح نتنياهو مقابلاته الصحافية المركزية لوسائل الاعلام الاجنبية، بينما في اسرائيل يفضل ظهورا مبرمجا في برامج الترفيه. ومثل المقابلة التي منحها لصحيفة يابانية (!) قبل اسبوعين من ذلك، كشف بيبي النقاب عن أنه يفكر بانسحاب احادي الجانب في الضفة وذلك «لاني لا اعتقد ان الوضع الراهن هو فكرة جيدة ولاني لا اريد دولة ثنائية القومية».
في الماضي أوضح بيبي بان «مفهوم الانسحابات احادية الجانب انهار»، ولكن على ما يبدو ما يُرى من هناك لا يُرى من هنا، او شيء ما من هذا القبيل. ليس هذا هو أول تحول لبيبي بالطبع. في كل مقابلة في السنة الاخيرة كرر بيبي التزامه بفكرة الدولة الفلسطينية، شريطة أن تكون هذه مجرد وتعترف باسرائيل. ولكن في كتابه الاكثر شيوعا، «مكان تحت الشمس» يوضح بيبي بانه محظور اشتراط السياسة الاسرائيلية بموافقة عربية، وان الدولة الفلسطينية هي الخطر الوجودي الاكبر على دولة اسرائيل وانه لا يوجد اي معنى لمطلب التجريد في يهودا والسامرة. «الحمار وحده لا يغير رأيه»، قال موشيه ديان، ولا شك انه في اليمين الاسرائيلي استوعبوا الفكرة. بيبي هو فقط النموذج الاخير للتحول العجيب الذي يجتازه كل رجل يميني ما أن يهجر موقف الديماغوجي في صالح منصب تنفيذي. وقد اجتاز نتنياهو تحول في 2009، ايهود اولمرت في 2007، اريك شارون في 2005، ومعهم تحول ايضا سلسلة كاملة من الاميرات والامراء، المطوقين والمطوقات، من دان مريدور، عبر تسيبي لفني وتساحي هنغبي وحتى جلعاد اردان وموشيه كحلون. كل واحد منهم أطلق النار والكبريت على الافكار الهاذية لليسار، وكل واحد منهم تبناها في صباح باهر ما.
كيف تحصل هذه المسيرة؟ يمكن أن نفهم بان شخصا واحدا أو اثنين يغيران رأيهما، ولا سيما في عمر النضج، ولكن سلسلة كاملة من الزعماء تروج لذات الامور التي امس فقط ارتزقت من تمزيقها إربا؟ الناس في الوسط اعتادوا على الثناء على اولمرت، شارون او نتنياهو على «نضجهم» أو «تطورهم الفكري»، ولكن الحقيقة أسوأ بكثير: إما أن يكون كل اولئك الزعماء المنتخبين مخطئون الان في قراءة الواقع أو أنهم قضوا معظم حياتهم دون أن يفهموا الحقائق الاكثر بساطة، ما كل قارىء صحافة قدماه على الارض وعيناه في رأسه قادر على ان يستنتجه. فمثلا، لا سبيل للاحتفاظ بالمناطق وفي نفس الوقت عدم منح الفلسطينيين حقوق المواطن وعدم التعرض للاتهام بالابرتهايد. وأن لهذه السفرية يوجد فقط محطتان نهائيتان: دولتان أو دولة واحدة. فلا شيء في هذه المعادلة لم يتغير في الثلاثين سنة الاخيرة، فكيف إذن صحوتم فجأة؟
كيف يمكن التأثر ممن فقط في سن الستين، بعد أن كرس كل حياته للموضوع السياسي، تعلم التاريخ، سافر في العالم، التقى بالزعماء وقرأ التقارير الاستخبارية، يفهم هذا الموضوع الاساس؟ وعندها مثل مبشر ديني، يشرح لكل مايكروفون بان «الوضع الراهن ليس جيدا»، أو أن البديل هو دولة ثنائية القومية؟ ما الذين لم يكن واضحا عندما قالو لك هذا في العام 2005، أو في العام 1995، أو 1985، أو 1975؟ ماذا يعني هذا عن الجمهور الاسرائيلي الذي يواصل انتخاب زعماء يعترفون بالفم المليء بانهم على مدى طول حياتهم المهنية تلفظوا بالترهات؟
وهذا ليس أن أحدا ما يتعلم شيئا ما. فخلف الزاوية ينتظر الصاحون التالون: نفتالي بينيت الذي يعد بأنه يمكن ضم معظم الضفة دون أن يشعر العالم، او وزير الدفاع الذي يشرح بان كجزء من اتفاق السلام يتعين على الجيش الاسرائيلي ان يحصل على حرية عمل في الدولة الفلسطينية او كل أصناف اولئك الواثقين من أننا اذا أغلقنا «بتسيلم» فان الحقائق الاساسية على الارض ستتدبر من جديد، او من يدعون بانه لا يوجد احتلال لان ادموند ليفي كتب عن هذا تقريرا، كل البوجيين والدانونيين والكينيين على أنواعهم، الذين يبيعون للجمهور أوهاما سخيفة كهذه. أعدوا المعاذير، ايها الرفاق، فتحولكم على الطريق.
معاريف الاسبوع